آية الجزية نزلت في القرآن الكريم، ولا تعارض بينها وبين الآية المُحكمة المطلقة:
“لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ”
آيات القرآن الكريم لا يجرؤ أحدٌ من المسلمين في الأولين والآخرين أن يتطاول عليها فيسقطها أو يُبدّلها من تلقاء نفسه، ولا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ! كما قال الله تبارك وتعالى:
” قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ، قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ، إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”
[سورة يونس / آية 15]
الحكاية وما فيها أنّ ناساً من المسلمين يخطئون – أحياناً – في فهم القرآن الكريم فيأوّلونه بغير تأويله، فيلتبس عليهم كما روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من نوقش الحساب عُذِّب”
قالت فقلت: أليس يقول الله تعالى:
“فسوف يحاسب حساباً يسيراً” ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ذلِكِ العَرْض”.
وفي رواية أخرى؛
” فقلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال : أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنّ من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هَلَك”. اهـ
فكانت أم المؤمنين تظنّ خطأً أنّ الآية مطلقة عامة فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها خاصة فيمن أوتي كتابه بيمينه فنُظر فيه ولم يُناقَش الحساب.
وكذلك الأمر في آية الجزية، يظنّ ناسٌ من المنتسبين إلى الإسلام كالدواعش أنها مطلقة عامة في اليهود والنصارى كلهم جميعاً، لا تجوز مصالحتهم إلا باشتراط الإسلام أو دفع جزية الصغار.
هذا غلط فاحش سيظهر لكم عُجَرَه وبُجَرَه عند تأمل معاهدة النوبة !
تأمّلوا وفكّروا ..
لماذا اشترط والي الخليفة الثاني؛ عمر بن الخطاب لمصالحة نصارى النوبة: شرط الدخول في الإسلام أو دفع الجزية كما اشترط على نصارى القبط ؟
ولماذا أسقط والي الخليفة الثالث؛ عثمان بن عفان ذلك الشرط سنة 31 هـ فصالحهم بلا إسلام ولا جزية، أقرّهم على دينهم وسيادة ملكهم على أرضهم ؟؟؟
وستعرفون لماذا أقول:
إنّ زمن تخيير الأقباط بالإسلام أو الجزية أو القتل قد انقضى وولّى وصار في حُكم المنسوخ
تابعوا لتتفقّهوا في الدين !