أخطر ما في دعاوى طرد المسلمين أو حظر دخولهم إلى الدول الغربية – من وجهة نظري – هو أنّ البغدادي قد اقترب بالفعل من تحقيق هدف استراتيجي عجز ابن لادن عن تحقيقه !
ابن لادن – لو تذكرون – شنّ هجوماً رهيباً على رموز السيادة الأمريكية في قلب الحصن الأمريكي في ضربةٍ غادرة لا مثيل لها في التاريخ الإنساني على الإطلاق [إذا أخذنا بالاعتبار تصنيف الرموز المستهدفة وعديد الإصابات والخسائر ومقارنة حجم القوة الأمريكية بالخصم المعادي].
كان الهدف الاستراتيجي من تلك الضربة هو استدراج الولايات المتحدة إلى حرب ذات طابع ديني ضد الإسلام والمسلمين وتوريط العالم الإسلامي في خوضها، وقد نجح ابن لادن في تحقيق بعض أهدافه باستدراج القوات الأمريكية إلى أفغانستان وتوريط الأفغان الغارقين في مستنقع الجهل والأميّة، لكنه فشل في تحقيق الهدف الاستراتيجي ليقظة المجتمع الدولي، ويقظة المغدورين من زعماء الولايات المتحدة الذين برهنوا على قوّتهم وشدّتهم وحِكمتهم في التفريق بين الإسلام والإرهاب، نشهد بذلك إنصافاً رُغم مآخذنا الكثيرة عليهم، ونصدّق على ذلك بقول نبيّنا – صلى الله عليه وسلم -:
“ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملكُ نفسَه عند الغضب”
[متفق عليه]
وهذا كما تقدّم مِنَ الإنصاف، من شكّ في ذلك فليعكس الوضع، تخيّل أيها القارئ لو أن العالم الإسلامي هو من كان يملك القوة والجبروت وطول اليد بحاملات الطائرات والصواريخ النووية العابرة للقارات!
تخيّل لو كان لدينا ما لدى الولايات المتحدة من القدرات العسكرية فقامت مجموعة صغيرة من المتعصبين النصارى انطلاقاً من دولة ضعيفة مثل الحبشة بتفجير كعبتنا المقدسة أو مسجدنا النبوي! ما ظنّكم بردّة فعلنا؟؟
عقب هجمات 11 سبتمبر اقترح بعض الغاضبين أن تنتقم الولايات المتحدة من ابن لادن بضرب مكة المكرمة بالسلاح النووي !
وقد نشر ذلك الاقتراح في بعض وسائل الإعلام لو تذكرون !
أيمكن تصوّر فرحة ابن لادن بتلك الأطروحات الغبية ؟
واللهِ، لكأني أنظر إلى ابن لادن وكبار أعوانه يتساقطون على الأرض من شدّة الفرحة والضحك وهم يقرأون ذلك المقال الذي نُشر في بعض الصحف الالكترونية في تلك الأيام الغابرة، فالحمد لله الذي وَهَبَ المسؤولين الأمريكان من الشدّة والحِكمة ما منعهم من الانتقام على طريقة جنكز خان.
للحديث بقية