عقد الإخوان [ إخوان من طاع الله ] أولى مؤتمراتهم في الأرطاوية [ تبعد عن مدينة الرياض 270 كم شمالاً ] وتعاهدوا على نصرة دين الله والجهاد في سبيله ثم أنكروا صراحة على الملك عبد العزيز بعض الأمور منها استخدام السيارات والتلغرافات والتليفونات ، وغير ذلك مما اعتبروه منافياً للتعاليم الإسلامية .
فاضطر الملك للرجوع من الحجاز إلى نجد ليعالج الحالة بحكمته ، ومن حسن الحظ أن كبار الشيوخ كانوا يميلون للملك أمّا الإخوان فلا يميل إليهم إلا صغار الشيوخ ، فدعا عبد العزيز زعماء الإخوان إلى مؤتمر عقده في الرياض يناير 1927 وانتهى هذا الاجتماع بإصدار أعجب وأعظم فتاوى القرن العشرين وفيما يلي بعض ما ورد فيها :
” من محمد بن عبد اللطيف [ هو جد المفتي الحالي للمملكة وكان شيخ مشايخ عصره ، وهو عم الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة سابقاً وسيأتي ذكره في القائمة المباركة ] ، وسعد بن عتيق ، وسليمان بن سحمان ، وعبد الله بن عبد العزيز العتيق ، وعبد الله العنقري ، وعمر بن سليم ، وصالح بن عبد العزيز ، وعبد الله بن حسن ، وعبد الله بن عبد اللطيف ، وعمر بن عبد اللطيف ، ومحمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الله ، وعبد الله بن زاحم ، ومحمد بن عثمان الشاوي ، وعبد العزيز بن العثري ، إلى من يراه من إخواننا المسلمين سلك الله بنا وبهم الطريق المستقيم ، وجنّبنا إياهم طريق أهل الجحيم ، آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ؛ فقد ورد علينا من الإمام – سلّمه الله تعالى – سؤال من بعض الإخوان عن مسائل تطلّب منا الجواب عنها ، فأجبناه بما نصّه :
أما مسألة البرقي [ أي التلغراف ] فهو أمر حادث في آخر هذا الزمان ولا نعلم حقيقته ، ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم ، فتوقّفنا في مسألته ، ولا نقول على الله ورسوله بغير علم ، والجزم بالإباحة والتحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته ” …..
[ إلى آخر ما جاء في الفتوى وكتب في ختامها ] :
” حرر في 8 شعبان 1345 هــ ” .
يتبيّن من هذه الفتوى المثيرة أنّ جمرة العلماء وجهابذة الفقهاء الذين أفنوا حياتهم في تعلّم الشريعة الإسلامية ليلاً ونهاراً ، سرّاً وعلانياً ، قد ارتقوا من دَرَكَة الجهل المركب إلى درجة الجهل البسيط فأقرّوا بعدم معرفة الحقيقة المتعلّقة بطبيعة تلك الآلة السحرية التي أسموها ” البَرْقي ” والتي تحمل الأخبار وتنقلها من مشارق الأرض إلى مغاربها بسرعة البرق فحال ذلك دون الاهتداء إلى حكم الشريعة الإسلامية في البرقي .
تأمل وتدبّر وتفكّر …
لا تعجل في قذف العلماء ..
تذكر أن تلك الحادثة كانت في زمان غير هذا الزمان .. ومعارف العرب في ذلك الزمان تختلف عن معارفهم في هذا الزمان …
لكن علينا أن نعترف أنّ هنالك خللاً ونقصاً
لا صلة له بالقوى العقلية ..
ولا صلة له بالشريعة فالإسلام معصوم من الخلل والخبَل
خللٌ في موضع ما تفطّن له الملك عبد العزيز رحمه الله وسعى لإصلاحه …