هذا أول ما يشاهده الوافد أو السائح أو العائد المغترب عند النزول إلى مصر والولوج إلى صالات المطارات والموانئ والمنافذ البرية الحدودية:
“ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”
[سورة يوسف / آية 99]
المسلم بالطبع يتبرك ويتفاءل خيراً بتلاوة هذه الآية، وكذلك اليهودي أو المسيحي يتفاءل خيراً لأن الآية تذكّره بقول الربّ في الكتاب المقدس:
“لا تَخَفْ من النزولِ إلى مِصْرَ”
[سفر التكوين/46-3]
القصة واحدة ومصريّون ذو حظّ عظيم ! لأنّ الله تبارك وتعالى جَمَعَ أصحابَ الديانات السماوية على التصديق بقصة يوسف – عليه السلام – وإنِ اختلفت العقول في تقدير جوهر الحكمة من تلك القصة التي وقع الغالب من أحداثها في مصر، فخلّد الله ذكر “مصر” في الكتب المقدسة إلى يوم الدين.
ومن يتدبّر قصص القرآن والتوراة والإنجيل يُلاحظ أنّ الفارق بين قصة يوسف بالمقارنة مع سائر القصص هو كالفارق بين الفيلم الهندي والفيلم الأمريكي، ألا ترون كيف يحتار النقّاد في تصنيف الفيلم الهندي لكثرة أحداثه وحِدّة انقلاباته ! تارة دراما، وتارة رعب، وتارة سِبابٌ وقتالٌ وهجاءُ، وتارة رومانسية وغيرها، دواليك يُنسي بعضُها بعضاً، وهنا تبرز لَمْسَة الكاتب وعبقرية المُخرج في إخفاء ما يُستحسن إخفاؤه، وإبراز ما يُستحسن إبرازه لإيصال العبرة والحكمة من القصص، سواء كانت حقيقية أم أساطير خيالية.
ومن تلك النقطة تحديداً يتجلّى الإعجاز القرآني الفريد في سرد القصص، ولذلك استفتح الله – سبحانه – قصة يوسف بقوله:
“نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ”
واختتمها بقوله – سبحانه – :
” لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ، مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”
“تفصيل كلّ شيء” أي كل شيءٍ تفيد الناسَ معرفتُه
والسؤال هنا للمسلم :
ما هي الفائدة والعبرة من قوله:
“ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ” ؟
ولليهودي أو المسيحي نقول ما هي الحكمة في قوله:
“لا تَخَفْ من النزولِ إلى مِصْرَ”
هل ضمن القرآن الكريم أو الكتاب المقدس لمصر بتلك الكلمات الأمنَ والأمان الأبدي إلى يوم الدين؟
هل أنزلت تلك الكلمات لينقش بها الناس حجاباً يَقيهم من الشر؟
فكّروا في الإجابة ..
وإلى لقاء آخر إن شاء الله
وكل عام وأنتم بخير