من أراد أن يتعمّق في معرفة أسرار اللغة العِبْرِية فليرجع إلى اللسان العربي الفصيح والعكس كذلك ، لأن العبرية صنو العربية أصلهما واحد ، وإن كانت العربية أنقى وأفصح لأنّ بني إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام – سكنوا البريّة وانعزلوا في محميّة طبيعة صحراوية لا اختلاط فيها أما بنو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم – عليهم السلام – فتحوّلوا إلى مصر فغُلب على لسانهم ثم تحولّوا إلى الأرض المقدسة فاختلطوا بغيرهم من الأمم قبل أن يسلّط الله عليهم بختنصر البابلي فشرّدهم في الأرض ثم عادوا فتغلّبت عليهم الروم .
ويقال إن معنى اسم النبي ” إسحاق ” – عليه السلام – هو ” إضحاك ” ، والتحريف من اختلاف اللهجات في لفظ السين والصاد والزاي كاختلاف القرّاء في نطق صاد قوله تعالى : ” اهدنا الصراط المستقيم ” ، قرأت بالسين وقيل هو أصل الكلمة لأنه من الاستراط وهو الابتلاع ، وقرأت بالصاد وهو الأخفّ على اللسان العربي ، وقرأت بالزاي ، وقرأت بإشمام السين زاياً .
أما حكاية الضحك فقد قصّ علينا القرآن الكريم طرفاً منها عند الحديث عن أضياف إبراهيم من الملائكة ، قال الله تبارك وتعالى : ” وامرأته قائمة فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ” .
والقصة مروية بمزيد من التفصيل في الكتب المقدسة عند أهل الكتاب وجاء فيها أن الله تبارك وتعالى ألقى الضحك على كل من سمع بمعجزة المرأة العجوز التي حملت بإسحاق من نبي الله إبراهيم وهو ابن مئة سنة . فقال إبراهيم عليه السلام قال : ” قد صنع إليّ الله ضحكاً ، كلّ من يسمع يضحك لي ” .
رحمة أنزلها الله على إبراهيم على آل إبراهيم إنه حميد مجيد .
قصص يصدّق بعضها بعضاً فأين الإشكال ؟
المشكلة أن القرآن الكريم الذي يقرأ على الناس جهاراً قد ذكر أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم مكتوب عند اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل ، وهنا وجد بعض أعداء المسلمين من اليهود مدخلاً ليلبسوا على المسلمين دينهم ، فدسوا أكذوبة إسرائيلية للطعن على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا يقولون : ليس علينا في الأميين سبيل ، فزعم بعضهم أن صفة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما يجدونه عندهم في الكتب المقدسة هو :
” الضحوك القتال في عينيه حمرة “
أسندت في ذلك روايات مخزية ضعيفة جداً من رواية الكذابين والمجاهيل عن ابن عباس وغيره ، لا يصح شيء منها ولا حاجة لسردها ، وقد غفل بعض علمائنا من المسلمين فتسمّحوا في نقل تلك الصفة ولم يلتفتوا إلى نكارتها كما قال الذهبي في تاريخ الإسلام : جاء في بعض الآثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” أنا الضحوك أنا القتال ” . اهـ
فانظروا معشر المسلمين كيف تطوّرت الدسيسة من أكذوبة لا أصل لها في كتب اليهود والنصارى ثم انتهت إلى حديث نبوي ينسب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم .
ومعلوم أنّ من أشهر صيغ المبالغة في اللغة العربية ما كان على وزن ” فعول ” و ” فعّال ” وهما يدلّان على كثرة حدوث الفعل . فلا يقال لمن فعل الفعل فعولاً أو فعّالاً حتى يكثر منه ويبالغ في تكراره .
فما هي الصورة التي يتخيّلها السامع حين تذكر له صفة ضحوك قتّال في عينيه حُمرة ؟تلك صفة ” بربروسا ” زعيم القراصنة
ولأن الطيور على أشكالها تقع ! فقد استلّ الزرقاوي هذه الفضيحة المخزية من هفوات الأولين فحلّى بها خُطبه فكان لا يخطب خطبة ناريّة إلا افتتحها بالصلاة والسلام على الضحوك القتال .
ثم استنّ أتباعه بسنته حتى انتهى الأمر إلى الخليفة البغدادي ، وكذلك يفعلون وهم يعلمون أنّ خطبهم يتلقّفها العالم من أدناه إلى أقصاه وأنهم يتحدّثون باسم الإسلام فإلى الله المشتكى .
قولوا لي بربّكم على من يقع اللوم في تشويه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟
أعلى صحيفة شارلي إيبدو ؟
أم على أمير المسلمين ؟
اتقوا الله في نبيّكم ﷺ