عن قصد أو عن غير قصد – أحياناً – قد يجد المسلم نفسه في قفص الاتهام محشوراً في زاوية حرجة تحوم حولها الشكوك والريبة، والمسلم على كل حال مطالب بالبعد عن مواطن الشبهات، لكن إذا غلبت صدفةُ القدر حيطةَ الحَذَر وَجَدَ المسلم نفسه مضطراً في قفص الاتهام.
في غزوة بني المصطلق في العهد النبوي وقع للمسلمين شيء كهذا، قفل الجيش الإسلام راجعاً فظنّ الرهط المكلّفون بحمل الهودج أنّ فيه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه فرَحَلوه على البعير وانطلقوا مع الجيش فلما رجعت أم المؤمنين إلى منازل الجيش صاحت في الخلاء فلم تجد مجيباً، حتى جاء الصحابي الصالح صفوان بن المعطّل على بعيره وكان في القافة متخلّفاً عن الناس فرأى من أعلى البعير سوادَ إنسان شاخصاً في الصحراء وحيداً فريداً فلما عرف أنها أم المؤمنين رضي الله عنه عرف أنه قد وقع في مصيبة عن غير قصد فكان أوّل ما نطق به:
“إنا لله وإنا إليه راجعون”
في تلك الساعة حُشر صفوان رضي الله عنه في زاوية حرجة فلم يجد أمامه إلا خيارين:
– إما أن يترك زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم فريسة للسباع والضباع فيأثم بضياعها للنجاة بسمعته.
– وإما أنْ يخفرها ويعيدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
بقية القصة معروفة، ولولا أنّ الله تعالى أنزل القرآن الكريم في براءة أم المؤمنين رضي الله عنها لاستمرّ حديث الإفك إلى يومنا هذا ولكنّ الله سَلَّم.
اجتناب الظنّ السيّء من الواجبات المقرّرة في الدين الإسلام، قال الله جلّ وعلا:
“يا أيها الذين آمنوا اجتنوا كثيراً من الظنّ إنّ بعض الظنّ إثم”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“إياكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث”
[متفق عليه]
لكن المسلم قد يجد نفسه أحياناً في موضع شبهة محاطاً بالشكوك والظنون، ولئن كان الله قد أوجب على المسلم اجتناب الظنّ السيء فما الذي أوجبه على المسلم المضطر ليدفع عن نفسه الظنون السيّئة ؟
كان أمر الله قدراً مقدوراً فشاءت صدفة القدر بحِكمة الحكيم – سبحانه تعالى – أن يُحشر أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم في زاوية مثل هذه؟
أتدري لماذا ؟
ليعلّم المسلمين ما الواجب عليهم فعله عند الوقوع في دائرة الفوبيا…
للحديث بقية