“الحجاج بن يوسف الثقفي” أنموذج تاريخي أسطوري لنظام الدولة البوليسية العسكرية المتغلبة على المعارضة السياسية بقوة الحديد والنار، وجّهه عبد الملك بن مروان إلى العراق فأنهى الفوضى الأمنية وبسط سيادة الدولة على ربوع العراق شبراً شبراً وزنقة زنقة. وقد أطلعتكم في المقال السابق على شيء من الجرد الإحصائي ومحصّلة من حُكم عليه بالسجن والإعدام في عهد الحجاج.
لكن لننظر إلى ذلك الأنموذج السياسي من منظور آخر … !
ماذا عن الاقتصاد؟
هل نجح نظامُ الحجاج بن يوسف في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق؟
ماذا عن بيت المال [وزارة المالية] ؟
هل نجح بقوة الحديد والنار في رفع إيرادات خزينة الدولة من الخَراج والزكاة والسياحة الدينية والعلمية وغيرها من الموارد المالية المعروفة في ذلك الزمان؟
“وشهد شاهدٌ من أهلها”
“ولا ينبئك مثلُ خبير”
فلنستمع إلى شهادة أمير المؤمنين الخليفة الأموي الصدوق عمر بن عبد العزيز ماذا يقول في شهادته فيما روي عنه بإسناد صحيح.
قال رضي الله عنه :
“لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج، لغلبناهم، وما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة، لقد وَلِيَ العراقَ وهي أوفرُ ما تكون من العِمارَة، فأخسَّ به حتى صَيَّرَه إلى أربعين ألف ألف، ولقد أدُّي إليّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رَجَوْتُ أن يُؤدّوا إليّ ما أدِّي إلى عمر بن الخطاب؛ مئة ألف ألف وعشرة آلاف ألف”.
[رواه أبو بكر بن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي والبيهقي وابن عساكر]