تحريم كرة القدم بمحظور القوانين الوضعية ! صافرة حكم … اخرجْ أنتَ مُخرّف

زعم الدكتور السلفي خريج جامعة الملك عبد العزيز أنّ لعبة “كرة القدم” محرمة بمحظور تحكيم “القوانين الوضعية” [يعني قوانين الفيفا كالفاولات والكروت الصفراء والحمراء] وبمحظور ترك قوانين الشريعة الإسلامية كقوانين الجنايات والقصاص فالعين بالعين والسن بالسنّ” !!

 ولترسيخ تلك النظرية المهيبة مط ذياب” مقدمة كتابه مطّاً في الحديث عن تاريخ نشأة الألعاب الأولمبية حتى اضطر إلى الاستعانة بمنحوتات الفراعنة وتأريخ الوثنيين من الروم البيزنط  لتحديد مبدأ الألعاب وقوانينها سنة 776 قبل ميلاد المسيح!!

لماذا !!!؟

 ليقنعنا بأن للرياضة وقوانينها جذوراً وثنية !

 لكن عقلاؤنا من السلف الصالح كان لهم ولله الحمد رأي آخر، فقد روى المؤرخون الحفاظ الفقهاء؛ المعافى بن زكرياء في الجليس الصالح، ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن كثير في تاريخه، والسيوطي في حسن المحاضرة:

أن قيصر ملك الروم كتب إلى معاوية:

 إني قد وجهت إليك رجلين أحدهما أقوى رجلٍ ببلادي والآخر أطوَل رجلٍ في أرضي، وقد كانت الملوك تتجارى في مثل هذا وتتحاجى به فأخرج إليهما ممن في سلطانك من يقاوم كل واحد منهما، فإنْ غَلَبَ صاحباك حملتُ إليك من المال وأسارى المسلمين كذا وكذا، وإنْ غَلَبَ صاحبايّ هادنتني ثلاث سنين.

لما ورد كتابُ قيصر على معاوية أهمّه وشاور فيه أصحابَه فقيل له أما الأيد [أي القوي] فادع لمناهضته إما محمد بن الحنفية وإما عبد الله بن الزبير، فقال: إذا كان الأمر هكذا فالمنافي أحب إلينا فأحضر محمد بن علي [أي ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب] والأيد الرومي حاضر فأخبره بما دعاه له، فقال محمدٌ للرومي: ما تشاء؟

فقال [أي الرومي]:

 “يجلس كل واحد منا ويدفع يدَهُ إلى صاحبه فمن قلع صاحبه من موضعه أو رفعه عن مكانه فقد فلح عليه ومن عجز عن ذلك وقهره صاحبه قضي بالغلبة له”

فقال محمد: هذا لك، فاختر أيّنا يبدأ بالجلوس، فقال له: اجلس أنت، فجلس وأعطاه يدَيْه، فجعل يمارسه ويجتهد في إزالته عن موضعه فلم يتحرك محمدٌ وظهر عجز الرومي لمن حضر، فقال له محمد: اجلس الآن فجلس وأخذ بيده فما لبث أن اقتلعه ورفعه في الهواء ثم ألقاه على الأرض، فَسُرّ معاوية وحاضروه من المسلمين وقال معاوية لقيس بن سعد والرومي الطوال: تطاولا، فقال قيس: أنا أخلع سراويلي ويلبسها هذا العلج، فإن ما بيننا يبيّن بذلك ثم خلع سراويله وألقاها إلى الرومي فلبسها فبلغت ثدييه وانسحب بعضها في الأرض فاستبشر الناس بذلك “.


السؤال للعقلاء فقط
:

هل كان قانون المنافسة الرياضية الذي أملاه الرومي بحضرة رؤساء السلف الصالح قانوناً وضعياً أم تشريعاً منزلاً بالوحي من السماء ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

فائدة خاصة للمتخصصين في علوم التأريخ:

هادن المسلمون بإمرة معاوية ملوك الروم البيزنط أكثر من مرة وهو ما أجمع عليه المؤرخون من علماء الإسلام وعلماء النصارى الآرثوذكس البيزنط في تواريخهم، وقد روى المؤرخ الحافظ يحيى بن وضاح من علماء القرن الإسلامي الثاني، وهو شيخ الإمام أحمد بن حنبل وتلميذ مؤرخ الإسلام محمد بن إسحاق” بعض هذه القصة الطويلة وعنه المعافي وابن عساكر والذهبي وغيرهم وقال المعافي: روي لنا هذا الخبر من وجوه، وفي القصة فائدة عزيزة فالحادثة وقعت سنة الصلح بين معاوية والحسن، وقد كان محمد بن الحنفية وقيس حاملا لواء الحسن، فالقصة تشهد بصحة ما ذكره بعض المؤرخين كالحافظ خليفة بن الخياط واليعقوبي في توقيت الهدنة سنة 41 هـ وهي الهدنة الثانية أو طلب زيادة في الهدنة الثانية من الهدنات الثلاث التي ذكرها مؤرخ النصارى البيزنط تيوفان” وغيره في الجانب الآخر من المؤرخين وكان معاصراً لحافظنا يحيى بن وضاح، وفي القصة إبطال لبعض ما زعمه تيوفان من القول بأن معاوية قد خاف زحف الجيش البيزنطي فهادن ملك الروم بمال يؤديه إليه، وهو قريب مما ذكره اليعقوبي وفيه تشيع وحمل على معاوية، والتفسير الصحيح لتلك الهدنة المتواترة – كما أراه – أن ملك الروم هو الآخر كان بحاجة للتفرغ وتدبير الحرب الأوربية بعد أن أضعفته حرب بابا الكاثوليك مارتن الأول” فأراد التفرغ لحرب الألمان الذين استولوا على أملاك الأرثوذكس في إيطاليا ثم قصدوا القسطنطنية ففرّ ذو اللحية قسطنطين” إلى جزيرة صقلية وكان ذلك سنة 41 ولذلك استعمل تلك الحيلة اللطيفة ليمدّ في الهدنة ثلاث سنوات إضافية، والله أعلم.

نسخة للطبع نسخة للطبع