من الثمار الطيبة لتطوير المنظومة الإدارية إصلاحُ المنظومة القضائية أو الحكم القضائي عند التنازع، وقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“نحن أمّة أُميّة، لا نكتبُ ولا نحسب”
ذاك حال العرب في العهد القديم لكنّ الله تبارك وتعالى أمر عباده بالتطوير لإصلاح منظومة المعاملات مما يعين على استقامة القضاء عند التنازع وتلك من مقاصد الشريعة، ولذلك أنزل آية الدَيْنِ على تلك الأمة الأمية، فأمر الناس بالكتابة لتوثيق محاضر الديون المؤجلة، وهي أطول آية في القرآن الكريم:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ”.. الآية
[سورة البقرة / آية 282]
اقرأوا تلك الآية الكريمة وتأملوا مقاصدها واحسبوا كم كلمة مشتقة من جذر “كتب” ذكرت فيها؟
– “فاكتبوه”
– “وَلْيَكْتُبْ”
– “كَاتِبٌ”
– “وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ”
– “أَنْ يَكْتُبَ”
– “فَلْيَكْتُبْ”
– “وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا” [وفيها المقصد من التوثيق بالكتابة].
– “أَلا تَكْتُبُوهَا”
– “وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ”
إنّ توثيق المعاملات بالوثائق المحفوظة يسهّل على القاضي معرفة الحقيقة عند التنازع، ولذلك وجب على الدولة أن تعمل على تطوير منظومة التوثيق بشتى الوسائل المشروعة وتطوير منظومة حفظ تلك الوثائق من التلف أو التزوير لحفظ حقوق الناس وصيانة حقوق الأمة.
من وجهة نظري أعتقد أن المستندات والوثائق التي اعتمد عليها القاضي في إثبات مصرية الجزيرتين وجيهة لأنّ فيها ما يدل على وجود “شيء” من الولاية الإدارية المَدَنية المصرية على الجزيرتين قبل 1949م.
ومع ذلك فنفسي تميل إلى صحة الرواية المأثورة عن الملكين عبد العزيز وفاروق رحمهما الله، ولعل السعودية تملك كذلك ما يثبت الولاية الإدارية على الجزيرتين مما يعزّز قصة الوديعة !
القضية هيّنة، لكن التوقيت خاطئ، فعليكم أيها الناس بالسكينة “ولا تنسوا الفضل بينكم”، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“دبّ إليكم داءُ الأمم قبلكم؛ الحَسَدُ، والبغضاءُ، هي الحالقة، حالقة الدين، لا حالقة الشعر، ألا أخبركم بما هو خير لكم من الصوم والصلاة؟ صلاح ذات البين، صلاح ذات البين”