لو قيل: ما هي أعجب أسطورة حقيقية رويت في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي لمقاتل شجاع تصلح أن تكون مادةً لأروع أفلام الأكشن والكوميديا والإثارة الهوليودية
الجواب : شبيب وغزالة
قلّب صفحات التاريخ والأدب العربي الجاهلي والإسلامي واقرأ ما شئتَ من الروايات المسندة أو الأساطير المُرسلة فلن تجد فيمن وُصف بالقوّة والشجاعة والفروسية أعجب من زوج الحمقاء ، الأحمق بن الحمقاء !
وهو شبيب بن يزيد الشيباني، المتوفى سنة 77 هـ، وفيه يقول عمدة المؤرخين الحافظ ابن كثير رحمه الله :
“كان من الشجاعة والفروسية على جانب كبير لم يُرَ بعد الصحابة مثلَه”.
فمن هو شبيب ؟ ومن هي غزالة ؟
شبيب نشأ في جيل التابعين في القرن الإسلامي الأول ، ولد في العراق زمن الصحابة رضوان الله عليهم، حملت به امرأة حمقاء اسمها “جهيزة” كان أهل العراق يضربون بها المثل في الحُمق فيقولون :
“أحمق من جهيزة” !
كانت جهيزة – رحمها الله – عِلْجَة حَربية تشهد الحروب فورث منها ابنها شبيب خصالها وهو في بطنها فكانت جهيزة تقول وهي حامل بشبيب :
“في بطني شيءٌ ينقز”
فلما وضعته قالت :
” إني رأيتُ أنه خرج منّي شهابٌ من نار”.
تلك هي البداية ولك أن تتخيّل ما وراء ذلك من العجائب ..
كبر شبيب وعظم شأنه فلم يُر مثله في القوة البدنية والشجاعة والبأس الممزوج بالحُمق فالتحق بفرقة من فرق الخوارج تتولى الشيخين أبا بكر وعمر وتتبرّأ من عثمان وعلي ثم فارقها وادعى الخلافة والإمامة لنفسه وحمل السيف على الأمة، وإليه يُنسب المذهب الشبيبي.
تزوّج شبيب من امرأة مثله حربية حمقاء تدعى “غزالة” والطيور على أشكالها تقع ، فأسس شبيب وغزالة ما يمكن وصفه بنواة الخلافة الإسلامية الشبيبية ، وتبعه نفرٌ قليل من الغلاة وأهل الأهواء فخرج بهم على الدولة الأموية زمن الحجاج .
نهض شبيب إلى الحجاج فدوّخه وأسقط هيبته فلما بلغ أصحابه مئةُ وعشرين خاض بهم المعارك المفتوحة إلى أن بلغوا بضع مئين لم يجاوزا الألف فقهر بهم ما لا يحصى من جيوش الدولة الأموية في حروب كرٍّ وفرٍّ كادت أن تعصف بالعراق وتغيّر مجرى التاريخ .
أخبار شبيب أذهلت المؤرخين مع إجماعهم على ضلاله وفساده، والحافظ ابن كثير إذا ذكر طرفاً من أخباره أعقبه بقوله :
“هذا أعجب العجب”
فهي بالتأكيد أخبار شيّقة وقصص مثيرة سأمتعكم بشيءٍ منها في المقال اللاحق إن شاء الله …