صداع الإسلام السياسي

الخلاصة مما تقدّم أن الشريعة الإسلامية النبوية [أو بعبارة أخرى] الفرمانات القانونية الصادرة في العهد النبوي منها ما صدر بمنصب الرسالة فيكون شرعاً عاماً إلى يوم القيامة إلا إذا قيّد بمتغيّر فتكون قابلة للتغيير، ومنها ما صدر بمنصب الإفتاء أو القضاء، ومنها ما صدر بمنصب الإمامة والرئاسة فيكون مصلحة للأمة في ذلك الوقت وذلك المكان، وعلى تلك الحال فيلزم من بعده من الأئمة مراعاة ذلك على حسب المصلحة التي راعاها النبي ﷺزمانا ومكانا وحالاً، كما قال ابن القيم رحمه الله.

وبالغلط في تمييز مقامات التشريعات النبوية اختلطت الشريعة على كثير من السلف والخلف وقد صحّ بالتواتر عن عبد الله بن وهب محدّث المصريين في القرن الثاني أنه كان يقول في مجالسه مراراً وتكراراً:

لولا أني أدركت مالكاً والليث لضللتُ

ويقول:

لولا أنّ اللهَ أنقذني بمالك والليث لضللتُ

ويقول:

” لولا مالك والليث لضلّ الناسُ، ولولا مالك بن أنس والليث بن سعد لهلكتُ، كنتُ أظن أن كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يُفعل به

ويقول:

لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت، فقيل لهكيف ذلك؟ قالأكثرتُ من الحديث فحيّرنيفكنتُ أعرض ذلك على مالك والليث، فيقولان ليخُذ هذا، ودَعْ هذا“.

وهي الأقاويل تفرح بها المالكية وأمثالهم لكن عليهم أن يعلموا أن مذاهب أئمتهم هي كذلك قابله للتغيير والحذف باختلاف الزمان والحال وزوال المصلحة، فعليهم أن يعلموا أنّ مالكاً أخذ بعضاً من القوانين النبوية “الوضعيّة” لاستمرار صلاحها في زمانه ومكانه، وما أقرب زمانه من العهد النبوي، فتلك المذاهب الفقهية هي أولى بالترك عند زوال المصلحة باختلاف الزمان والحال.

هنا يجب أن يتوقّف المطالبون بتحكيم الشريعة الإسلامية

وهنا ينتهي صُداع الإسلام السياسي

“هَٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا”

نسخة للطبع نسخة للطبع