عمر بن الخطاب سنّ قوانين وضعية لمكافحة الإرهاب

ما زلنا في بَحْرٍ من فوائد قصة “صَبيغ” المتواترة المقطوع بصحّتها، ومما جاء في حديث ابن شهاب الزهري رضي الله عنه قال:

“لما خرجت الحرورية [يعني الخوارج لما خرجوا بالسيف على الأمة زمن علي بن أبي طالب عليه السلام] قيل لصَبيغ قد خرج قومٌ يقولون: كذا وكذا، قال: هيهات قد نفعني الله بموعظة الرجل الصالح، وكان عمر رضي الله عنه ضربه حتى سالت منه الدماء على رجله أو قال على عقبيه”.


والرواية تفيد بأن الآراء الشاذة الخطيرة التي كان يبثّها صبيغ لم تكن مجرد إشكالات على “النازعات نزعاً والناشطات نشطاً” بل كانت لديه شبهات دموية خطيرة توافق رأي الحرورية الخوارج في التكفير واستباحة الدماء لكن الرواة كرهوا نقل التفاصيل الكاملة وبذلك جزم ابن عبد البر القرطبي، وتلك الآراء الإرهابية الخطيرة هي  سرّ غضبة عمر رضي الله عنه، ولذلك روي عنه أنه لما أتي بصبيغ حدث الناس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الخوارج حليقي الرؤوس، ثم كشف رأس صبيغ، فرأى ذؤابتيه وشعره فقال:

       “لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك”

وفي رواية سليمان بن يسار أن صبيغاً كانت عنده كتب يطوف بها ليعلم الناس !! وفي رواية طاوس بن كيسان:

“أن عمر بن الخطاب خرق كتب صبيغ وكتب إلى أهل البصرة: لا تجالسوه”.

[ رواه عبد الرزاق في المصنف]

وجاء في رواية أن عمر حرمه رزقه وعطاءه من بيت المال بعد ضربه، في حديث ابن المسيب أن عمر أمر بضربه في الحصة الواحدة مائة ضربة ثم حمله على قتب وجعله في البيت فإذا برأ ضربه مائة أخرى ثم يعيده إلى محبسه.

وهذا القانون العمري حكم به قضاة المسلمين من بعده وهو بالقطع قانون وضعي بل مجموعة من القوانين الوضعية الطارئة لمكافحة الإرهاب والفتن مناسب لذلك الزمان قابل للتجديد والتغيير بعقوبات أنسب لزماننا، إذ لم يرد فيها نصّ صريح في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“لا يُجلد فوق عشر جلَدات إلا في حدّ من حدود الله”

وفي الختام أرجو من المشرّعين وفقهاء القانون أن يعتبروا بقصة صبيغ والإجراءات العمرية في مكافحة الإرهاب، فليتأملوا كيف بدأ بخرق الفكرة الإرهابية في مهدها للحفاظ على الأمن الديني والاجتماعي والاقتصادي … قوانين حازمة بنظرة بعيدة !

الله معكم ! في أمان الله …..

نسخة للطبع نسخة للطبع