لعنة الجولاني علقت بالثورة السورية

ما جرى للثورة السورية شيء غير طبيعي وكأنّ الأمر كما يُقال في المَثَل:  

“عين لم تُصَلِّ على النبي”

في الأشهر الأولى من الثورة السورية – لو تذكرون – أصيب نظام الدولة بحالة من الاضطراب الشديد وعدم الاستقرار حتى بات النظام على شفير الانهيار بعد تفكّك الجيش والمدن والمحافظات فزحفت المعارضة حتى أصبحت على مشارف  العاصمة “دمشق” فاستبشر الناس بفتح قريب ثم دخل “الفاتحُ” الجولاني على الخط بجبهة النصرة ولبوس السلفية الجهادية فقلب الأوضاع رأساً على عَقِب !

غُلّقت الأبواب وعَلِقَ زحف الثورة السورية برَدغَة الخبال، ولم يزل صاحبنا الجولاني مستمسكاً بلَقب “الفاتح” وهذا – والله أعلم – أحد أسرار النحس والخيبة التي لازمت الحركة المناهضة للنظام السوري منذ طلوع الفاتح.

اللهُ ربُّ الشعب السوري وربُّ العالمين – تبارك وتعالى – هو “الفتّاح العليم”، و”الفتّاح” اسمٌ من أسماء الله الحُسنى ويعني الذي يفتح لعباده ما انسدّ عليهم مِنَ المغاليق، كما فتح سبحانه وتعالى مكةَ المكرمة للنبي صلى الله عليه وسلم لمّا أغلق عليه كفّارُ قريش وحلفاؤهم أبوابَها وطرائقها بالمقاتلين يومَ الحديبية، فأنزل اللهُ سكينته على رسوله وأنزل عليه سورةَ الفتح:

بسم الله الرحمن الرحيم

إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً

لم تكن سورة فتح مكيّة ولا مدنيّة، لأنها نزلت بين مكة والمدينة حيث عَلِقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية فبشّره الله بالفتحَ ونسب الفتح إليه:

“إنّا فتحنا” 

فسكنت نفوس المؤمنين واطمأنت قلوبهم واستبشروا بفتحٍ قريبٍ من الفتّاح العليم حتى قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

“ما كنّا نعدُّ فتحَ مكّة إلا يوم الحديبية”

ولما انعقد الصلح يوم الحديبية ونزلت سورة الفتح مال النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبير وقد أبتِ الدخول في الصلح مع قريش، وخيبر يومئذ حصنٌ منيع، يصعب فتحه إذ لم تكن للعرب خبرة في حرب الحصون والقلاع، ولذلك عجز الجيش الإسلامي عن فتحها في اليوم الأول ثم أعادوا الكرّة في اليوم الثاني ففشل الهجوم ورجع المسلمون وقد أثخنوا بالجراح فبشّرهم النبي صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى بفتحٍ من الله قريبٍ فقال: 

“لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُهُ، يَفتحُ اللهُ عليه، فبات الناسُ يَدُوكون ليْلَتَهم أيّهم يُعطاها – حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببتُ الإمارةَ إلا يومئذ – فلمّا كان الغدُ أعطاها عليَّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – ففتح الله عليه”

رواه البخاري ومسلم

وهي قصة ثابتة متواترة تقشعرُّ منها قلوب المؤمنين لأمرين اثنين فتأمّلهما:

–        الأول/ تأمّل كيف نسب النبي صلى الله عليه وسلم فتحَ خيبر إلى الله جل وعلا ولم ينسبه إلى حامل الراية وقائد الأركان ، وكذلك نسب القرآن الكريم فتحَ مكة إلى الله وحده سبحانه وتعالى فتعلّموا الأدب من الله ورسوله، “الفاتح” هو الله – جل وعلا – وعبدُ الله مفتوحٌ له ومفتوحٌ عليه.

–        والثاني/ تأمل المنهج السلفي الأصيل في التعامل مع ذلك الفتح المبين الذي خصّهم الله به دون سائر الخلق، ألا ترون أنّ أحقّ المسلمين بلقب “الفاتح” بعد رسول الله صلى عليه وسلم هو علي بن أبي طالب؟

هذا هو الفارق بين الأصيل والدَّعِيّ

وهذا هو الفارق بين المُبارك والمنحوس

السلف الصالح رضي الله عنهم جميعاً كانوا أبعد الناس عن الرياء وتزكية النفس، ولذلك اجتنبوا التفاخر بالألقاب الدينية، كان عملهم لله وجهادهم لله فبارك الله في فتوحاتهم …

دعِ المكارِمَ لا ترحلْ لبُغيتها

                 واقعدْ فإنك أنتَ الطاعمُ الكاسي 

نسخة للطبع نسخة للطبع