لغز الفوارق الخفيّة بين الصورتين المتشابهتين وهو من أشهر الأحاجي، والإلغاز فيه يكمن في كثرة الأشباه والنظائر ونُدرة الفوارق التي لا تُلحظ إلا بالتأمل والمراجعة.
شهدنا في الأسبوع الماضي مشهدين مؤلمين بينهما شبهٌ شديد قريب من درجة التطابق؛ مجزرة خان شيخون بإدلب، وتفجير الكنيستين في طنطا والاسكندرية.
وجاءت مشاهد الدقائق الأولى من الحَدَثَيْنِ كالتالي:
دويُّ انفجار مزلزل، وسحابة من دخان برائحة الموت تغطي ساحة مدنية مكتظة بالأبرياء من الأطفال والنساء، جثث مصفوفة، وأشلاء ممزقة مبثوثة، آلام وأوجاع، وعويل وصياح يختلط بعضه ببعض.
صورتان طبق الأصل مع بعض الفوارق …
فالأولى تميل إلى الصُفرة، والثانية تميل إلى الحُمرة !
الأولى بسلاح كيمياوي والثانية بحزام ناسف !
الأول يخنق الأنفاس والثاني يمزّق الأعضاء !
طفلة قتيلة في الأولى مفتوحة العينين، وفي الثانية مكسورة العنق، مكسورة الخاطر!
تعدّدتِ الأسبابُ والموتُ واحد
لكن الفارق اللغز في المصيبتَيْنِ أنّ القاتل في المشهد الأول تبرّأ من قِتلته وتأسّف لسقوط الضحايا من الأبرياء وقذف خصومة بتهمة الكيماوي ينسلّ منها.
أما القاتل في المشهد الثاني فجاهر بفضيحته وتباهى بجريمته وتوعّد بالمزيد باسم الدين. فهذا “تحديداً” هو الفارق الذي نعرف به لماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج:
“هم شَرُّ الخَلْق والخَليقة”
[رواه مسلم]
ولماذا أنزل الله تعالى في هؤلاء وأمثالهم:
“قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا”
صدق الله العظيم
[سورة الكهف 103/104]