وأخيراً تبيّن زيف نبوءة دابق والأعماق

“قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ”

سلّط الله على الدواعش عباداً له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وأخرجوهم من الأعماق صاغرين.

“لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ”

خرجت داعش من “دابق” مذءومة مدحورة فلم يظهر الدجّال ولم ينزل لنجدتهم مسيحٌ، ولم يخرج لنصرتهم مهديٌّ، ولم تقم الساعة ولم ينقض الزمان.

ألم أقل لكم مراراً وتكراراً إنّ نبوءة دابق هي نبوءة زائفة باطلة من نبوءات كعب الأحبار الإسرائيلي.

ألم أقل لكم: إنها مجرد فنكوش زائف نُسب سهواً وخطأ إلى الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم، وذكرتُ لكم بالدليل القاطع أنّ المسؤول عن إسناد الرواية هو الراوي العليل المريض “سُهيل بن أبي صالح”، وقد أثبت بالدليل القاطع أنه أصيب بمرض خبيث في رأسه أتلف حفظه وعقله فخرّف وخلّط في الرواية، وشهد على ذلك أقرب الأقربين إليه.


يقولون إنّ الحديث مخرّج في المسند الصحيح للإمام مسلم، فأجبتهم: كان ذاك في النسخة الأولى قبل التنقيح، فلما تبيّن للإمام مسلمٍ أنّ الحديث معلول أسقطه من الصحيح، ولذلك لم يرد الحديث في النسخة المنقّحة التي كانت عند الإمام الحاكم النيسابوري وعليها ألف كتابه “المستدرك على الصحيحين” وفيه يقول الحافظ الحاكم – رحمه الله – : إنّ مسلماً لم يخرّج هذا الحديث في صحيحه !!

الحفّاظ النقّاد من أهل الحديث يقولون إن نسخة الصحيح التي بين أيدي الناس هي نسخة ملفقة من عدة نسخ، وأنّ الإمام مسلماً ألف كتابه على مراحل، في الأولى جمع وترتّب ثم نقّح فحذف وأسقط ثم عرض كتابه على إمام النقد الحديثي فطلب منه أن يشير على الأحاديث المعلولة ليسقطها كما يُروى عن حافظ نيسابور مكي بن عبدان قال: سمعتُ مسلم بن الحجاج رضي الله عنه يقول: “عرضتُ كتابي هذا – يعني المسند الصحيح – على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أنّ له علّة تركته، وكل ما قال أنه صحيح وليس له علّة خرّجته”

[شرح النووي على مسلم 1/15]

قلتُ لكم مراراً:  نبوءة دابق نبوءة زائفة كاذبة …

نصحتُ ونصح غيري من العقلاء جزاهم الله خيراً … بيّنتُ وفصّلتُ على مَهْلٍ ومُكثٍ حين كانت الغلبة للدواعش في دابق فأصمّوا آذانهم وأعرضوا واستكبروا.

حذّرتُ من السقوط في الهاوية التي سقط فيها “جهيمان” وأتباعه لمّا انتهكوا حرمة الحرم المكي بخليط من النبوءات الصادقة المتشابهة، والأساطير الزائفة الكاذبة، فلم يلتفتوا لناصحٍ حتى وقعت الواقعة، وحصحصَ الحقُّ بعد فوات الأوان.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله:

“والفتنة إذا وَقَعتْ عَجَز العقلاء عن دفع السفهاء، فصار الأكابر عاجزين عن إطفاء الفتنة وكفّ أهلها”

[منهاج السنة النبوية 4/343]

نسخة للطبع نسخة للطبع