في ظلّ الفوضى العالمية التي تتخبّط فيها البشرية يتعرّض الإسلام هذه الأيام لرشقة من الهجمات المزدوجة الشرسة، من الخارج والداخل، والظاهر والباطن !
أما الطعنات الخارجية فيسهل رصدها وصدّها وكبتُها وكَبسُها، وللهِ الحجة البالغة.
لا خوف من الهجمات البرّانية فهي سافرة ظاهرة، ومصطلح البرّاني مشتق من البَرِّ، كانوا قديماَ يقولون لمن خرج من الحضَر إلى البر :
“أسفر”
أي أصبح سافراً ظاهراً بارزاً لا يحجبه بنيانٌ ولا تستره جدران، ومن هذا المعنى وُضعت كلمة “السفر” ومشتقاتها في اللغة العربية.
فلا تحزن ولا تخف من الطعن البرّاني، البرّاني سافر مكشوف ، ظاهر مفضوح، ولم يزل الإسلام عرضة للطعن البراني منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزده ذلك إلا قوة وصلابة حتى أصبح الأمر ظاهرة صحيّة لأن الطعان الخارجي فتح أبواب التنقيح والتصحيح والتصفية والتنقية كما ذكرنا في مقالات سابقة.
كم من دسيسة مناقضة للعقل والنقل الصحيح، مكذوبة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم زوراً وبهتاناً لا يعرفُ عوَارَها إلا الخواص وجهابذة النقاد، وهي على ألسن العوام مشتهرة رائجة شائعة حتى جاءت الطعنة البرّانية تفطّن الناس لها فيقيّض الله تعالى من يُجدّد لهم دينَهم فيصرف عن الإسلام تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. ألا ترون كم فتح الله من خير عند الطعن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟
الخوف ليس من البرّاني، الخوف والحزَن من الجوّاني، ولذلك صرخ النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين بأعلى صوته قائلاً:
“يا أيها الناس إنّ منكم منفرّين”
وفي رواية:
“يا أيها الناس إنكم منفّرون”
[رواه البخاري في صحيحه، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره]
عندما يتعرّض الإسلام دين الرحمة لطعنات برّانية فيُتّهم زوراً بالظلم والجور والعدوان وسفك الدماء فإنه يسهل علينا صدّ الطعنات وردّها على أصحابها بالحجج والبراهين.
ثم نخرج للطاعنين من كتبهم وتاريخيهم ما يُستحيى من ذكره فنكبتهم ونكبسهم كما فعلت رهم بنت الخزرج بضرائرها إذ قالت:
“رمتني بدائها وانسلّت”
لكننا نجد الحرج والإشكال وينتابنا الخوف والحزن حين تكون الطعنة جوّانية ..
حين يكون فينا معشر المسلمين منفّرون قائمون على تشويه صورة الإسلام ليلاَ ونهاراً، سرّاً وعلانية، هنا نجد شيئاً من الحرج والإشكال والصعوبة في الذب عن الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.