نأتي إلى ذكر الرسالة التي وعدتكم بنشرها
الرسالة كُتبت في النصف الأول من القرن الإسلامي الثاني .
المرسل : هو إمام السنة في الشام أبو عمرو الأوزاعي .
المرسَل إليه : هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان راوي حديث السيف .
وثيقة لا تقدّر بثمن …
إسنادها : صحيح جدّاً
رواها يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ [ ج 2 / 392 ] ومن طريقه ابن عساكر [ تاريخ دمشق ج 34 /258 ]
قال يعقوب : حدثني العباس بن الوليد بن مزيد قال أخبرني أبي عن الأوزاعي أنه كَتَبَ إلى عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان :
” أما بعدُ ، فقد كنت بحالِ أبيك لي وخاصةِ سريرته، فرأيتُ أن صِلَتي إياه تعاهدي إياكَ بالنصيحة في أوّل ما بلغني عنك من تخلّفك عن الجمعة والصلوات فجددت ولَجَجْتَ ، ثم بَرَرْتُكَ فوعظتُك وأجبتني بما ليس لك فيه حجة ولا عذر، وقد أحببتُ أن أقرن بنصيحتي إياك عَهْداً عسى الله أن يحدث خيراً، وقد بلغنا أن خمساً كان عليها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان ؛
اتباع السنة، وتلاوة القرآن، ولزوم الجماعة، وعِمارة المساجد، والجهاد في سبيل الله .
وحدثني سفيان الثوري أن حذيفة بن اليمان كان يقول : “من أحب أن يعلم إصابتَه الفتنة أو لا فلْينظُرْ ، فإنْ رأى حلالاً كان يراهُ حراماً، أو يرى حراماً كان يراه حلالاً، فليعلمْ أن قد أصابته ” ، وقد كنتَ قبل وفاةِ أبيك رحمهُ الله ترى تركَ الجمعة والصلوات في الجماعة حراماً ، فأصبحتَ تراه حلالاً، وكنتَ ترى عِمارة المساجد من شَرَف الأعمال فأصبحتَ لها هاجراً، وكنتَ ترى أن ترك عصابتك من الحَرَس في سبيل الله حَرَجاً فأصبحتَ تراه جميلاً، وحدثني سفيانُ منقطعاً عن ابن عباس أنه قال : “من ترك الجمعةَ أربعاً متواليات من غير عُذر فقد نَبَذَ الاسلامَ من وراء ظهره ” ، وحدثني الزهري عن أبي هريرة : “أنه من ترك الجمعةَ ثلاثاً من غير عذر طُبِعَ على قلبه“، وقد خاطرتَ بنفسِك من هذين الحديثين عظيماً فاتّهِمْ رأْيَك فإنه شر ما أخذت به وارْضَ بأسلافك [ إماماً ] ، وقد كنتَ في ثلاثِ سنوات مَرَرْنَ والمساجدُ والديارُ تُحرقُ ، والدماءُ تُسْفَك ، والأموالُ تُنتهب ، مع أبيك لا تخالفه في ترك جمعة ولا حضور صلاة مسجد، ولا ترغب عنه حتى مضى لسبيله، وأنت ترى أنك بوجه هذا الحديث: ” كُنْ جليسَ بيتك ” ومثله من الأحاديث أعلمُ بها من أبيك وممن أدرك من أهل العلم، فأعيذك بالله وأنشدك به أن تعتصم برأيك شاذاً به دون أبيك وأهل العلم قبله، وأن تكون لأصحاب الأهواء قوة وللسفهاء في تركهم الجمعة فتنةً يحتجون بك إذا عويروا [ عوتبوا ] على تركها. أسأل الله أن لا يجعل مصيبتك في دينك، ولا يغلب عليك شقاء ولا اتباع هوى بغير هدى منه، والسلام عليك ” .