إنّ مشكل “القوانين الوضعية” لم يكن في جوهره العميق متعلقاً بالحُسن أو الفساد بل لكونها قوانين أجنبية مستوردة ! من هنا جاء النفور، ومن هنا جاء الرفض، ومن هنا جاء الكفر بها، ولذلك قال الشيخ أحمد محمد شاكر – رحمه الله – عند طرح مشروع أسلمة القوانين المصرية:
“ثم دخلت علينا في بلادنا هذه القوانينُ الإفرنجيةُ المترجمة، ونُقلت نقلاً حرفياً عن أمم لا صلةً لنا بها من دين أو عادة أو عُرف، فدخلت لتشوّه عقائدنا وتمسخَ من عاداتنا، وتلبسنا قشوراً زائفة تُسمّى المدنية”.
[الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر- صفحة 19]
لكن يجب الإقرار بأنّ الشيخ الجليل الذي يستحسن التكفيريون نقل كلاماته في القوانين الوضعية لم يقصد الوصول إلى سبيل المتطرفين من خوارج العصر، ويكفي للدلالة على ذلك أن نكمل بقية الكلمات التي يبترها التكفيريون عند النقل عنه وفيها يقول – رحمه الله -:
“لست رجلاً خياليّاً، ولستُ داعياً إلى ثورة جامحة على القوانين، وأنا أعتقد أنّ ضرر العنف الآن أكثرُ من نفعه، إنما قمتُ فيكم أدعوكم إلى العمل الهادئ المنتج، بسنّة التدرّج الطبيعي، حتى نصلَ إلى ما نريد، مِن جعل قوانيننا من شريعتنا، وأنا أعرف أن هذا لا يُوصَل إليه في يوم ولا يومين، ولا في عام ولا عامين”
[الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر / صفحة 36]