الدين لم ولن يحلّ الأزمات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها كثير من دول العالم الإسلامي إلا ما تعلّق منها بالدين وهو نَزْرٌ أو معدوم.
هنا تتجلّى الغلطة الاقتصادية التاريخية التي وقع فيها الأنصار – رضي الله عنهم – حين قدم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فاستشاروه في تلقيح النخل، وأعرضوا عن العلوم الدنيوية الطبيعية التي توارثوها عن أهل الاختصاص والتجربة فجاء الثَمَرُ شيصاً فاسداً، فضربت ميزانية الدولة في الصميم ! وفسد المحصول الأول في العام الأول للدولة الإسلامية الأولى بسبب الفساد الإداري والفشل في التدبير.
لم يكن بالتأكيد فساداً بقلة الدين أو أكل الرشا أو الغش في الصنعة بل كان بإسناد الأمر إلى غير أهله !!! ما شأن الدين وأهل الدين بالفلاحة واستصلاح الأراضي الزراعية؟
الخطأ ليس عيباً، وإنما العيبُ في تكرار التجارب الخاطئة، وتكرار البناء على الأسس الباطلة، وكنتُ قد أشرتُ في مقالٍ سابق إلى الحكمة النبوية في مجاراة المستشيرين.
إنّ النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم أراد أن يَبْنِيَ دولةً متينة على أُسس متينة وصحيحة من العام الأول … من البداية … ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالاهتداء إلى النقطة الفاصلة بين دين والدنيا، ولذلك خرج على الناس بعد الحصاد المرّ ليقيم الأسس المتينة في بناء الدولة الزاهرة فقال صلى الله عليه وسلم:
” أيها الناس إنما أنا بَشَرٌ، أنتم أعلم بأمور دنياكم، إذا كان شيئاً من أمر دنياكم فشأنكم به ، وإذا كان شيئاً من أمر دينكم فإليّ“
حديث صحيحٌ، متواترٌ، متفقٌ على صحته.