بعد الخوض في محلّ العقل ؛ أهو الدماغ أم القلب نصل إلى جني الثمار من ذلك المخاض ..
الآن يمكننا الانتقال إلى تفسير قول الله تعالى :
” أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها “
ألا يعني هذا أنّ للقلب أبواباً تفتّح وتُغلق بإذن الله ؟
فإذ كان كذلك فإن العقل السليم لا يكون إلا بالقلب السليم ، فإن أقفلت بعض أبواب القلب فَقَدَ الدماغُ القدرةَ على العقل السليم ، ولذلك حرّم النبي صلى الله عليه وسلم على القاضي أن يحكم بين الخصمين وهو غضبان . وأما من غُلّف قلبه بالمغاليق وأُقفِلت أبوابه كلّها فإنّه لا يفقه من كلام الله والشريعة الإسلامية شيئاً ، ولو كان سمعه شديداً وبصره حديداً . كالذين وصفهم الله تعالى بقوله : ” وقولهم قلوبنا غُلفٌ بل طبع الله عليها بكفرهم ” .
والدماغ هو الآخر له أبواب تفتّح وتُغلق بإذن الله .. فالسمع والبصر والحواس وسلامة العضو الدماغي ” المخ ” هي مفاتيح الدماغ السليم . وقد يعمل الدماغ ببعض أبوابه المفتحة دون بعض فتقل الجودة ولا يبطل المفعول كالأعمى حتى إذا أغلقت الأبواب كلّها خرج الدماغ من نطاق الخدمة والتكليف كما جاء في الحديث النبوي : ” رُفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يعقل ” .
فإذا علمتَ ذلك فاعلم أنّ الرحمة مفتاحٌ من مفاتيح القلب السليم فهو مفتاح من مفاتيح العقل السليم ، فمن نُزعت الرحمة من قلبه فسد فقهه وفهمه للقرآن الكريم والسنة النبوية .
وإذا فسد فقه الدين فسد العمل به وفسد القضاء به .