قبل أيام نشرت مؤسسة السحاب التابعة لتنظيم القاعدة إصداراً مرئياً جديداً بعنوان “ما وراء التطبيع مع إسرائيل – خبايا المصطلح ومخاطر آلياته: مقال من مجلة “أمّة واحدة”.
وبالتزامن مع هذا النشاط الإعلامي الحديث أصدرت القيادة العامة للقاعدة بياناً يعزّي المسلمين في تركيا والشام فيما أصابهم من الزلزال المدمر ، ودعا البيان إلى تقديم الدعم للمستضعفين المحاصرين في الشمال السوري مستشهداً بقول رسول الله ﷺ :
“مَثَلُ المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتواصلهم كمَثَل الجسد إذا اشتكى عضوٌ منه تداعى له سائرُ الجسَد بالحُمّى والسهر”.
من الواضح أنها محاولة من القاعدة لإعادة التموضع والانبعاث من حالة الركود والخمول بأفكار ومناورات جديدة، ومحاولة لتذكير المسلمين بكونهم جزءاً من الأمة الواحدة، وهو تصرّف معقول ومقبول، لكن المشكلة لم تزل عالقة بالمعضلة الأولى فقد تعمّدت مؤسسة السحاب إظهار مقاطع صوتية ومرئية للشيخ الظواهري في الفيديو الجديد وَلمّا يُحسم الأمر بعدُ في مصير الظواهري هل قُتل أم خُطف أم ماذا ؟ وكأن المشرف على المؤسسة الإعلامية يريد أن يقول لنا: ما الحبّ إلا للحبيب الأول..
والمتحدث الرسمي للطالبان يقول: لم نعثر على جُثته !
أيعقل هذا ؟ لو أصيب منزله بأم القنابل أو قنبلة نووية تكتيكية لأمكن تصديقه لكن المبنى المستهدف لم يزل قائماً بصبغته وألوانه فهل يُعقل أنْ لا يوجد للشيخ أثرٌ، لا طرف ولا أصبع !!
أما القيادة العامة للقاعدة فصمتت، لا عزاء ولا استخلاف ولا حتى تكذيب، حتى خرجت علينا بالتعزية في ضحايا الزلزال ! لعبة غموض ضررها أكبر من نفعها.
يا عقلاء القاعدة ألم تروا ما جرى بعد انكشاف فضيحة إخفاء موت الملا عمر رحمه الله ؟
إن الحركة التي تقوم على فكرة الزعيم الواحد الخالد ولا تقدر على المضي إلا به هي حركة لا تستحق البقاء، قد كان رسول الله ﷺ محور وجوهر الحركة الإسلامية هو الأول والآخر فيها، فلما مات ﷺ وأصيب الناس بصدمة الفراق قام أبو بكر الصديق فيهم خطيباً فقال كلماته الخالدة:
“من كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات، ومن كان يعبد اللهَ فإن اللهَ حيٌّ لا يموت”.
هذا هو سرّ بقاء الأمة الإسلامية إلى يومنا، إن الظواهري قد انتهى عصره مات أم لم يمت، فعل الذي فعل، أجره وحسابه على الله، وإنّ القضايا الإسلامية العظمى تحتاج إلى مرجلة ووضوح وصراحة كصراحة أبي بكر الصديق بحُلوِها ومُرّها، وإنّ ربط الظواهري بالقضية الفلسطينية – كما قلنا لكم مراراً – لا طائل من ورائه بل ضررُه أكبر من نفعه، لا لكونه فاسداً أو مخطئاً بل لكونه مطلوباً بالثأر من القوى العظمى جميعاً فما لكم لا تعقلون.
ما فعلته القاعدة بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها ليس بالقليل الهيّن ولا يُنسى عندهم بالتقادم، فمجرّد اشتمام رائحة القاعدة في الجانب الفلسطيني فإن ذلك يعني تلقائياً تفعيل جميع محركات وآليات القوى العظمى وحلفائها للاصطفاف إلى الجانب الإسرائيلي ضد الفلسطيني.
يا عقلاء القاعدة إن حيلة إعادة التموضع بالبحث حالياً وفي هذه المرحلة الحرجة عن موطئ قدم للقاعدة بين صفوف المقاومة الفلسطينية حيلة مكتوبٌ عليها الفشل، مختومٌ عليها بالضرر، تذهب الأسماء ويبقى الإسلامُ، وتموت الرموز وتبقى الأمة، لم تنعدم الحِيَل ما دام فيكم عقلاء فابحثوا عن حِيَل أخرى وتشكيلات جديدة برموز معاصرة لا صلة لها بقدامى المتورّطين إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وتجاهدون لوجه الله وحده.