الغلطة الداعشية الثانية

غلطة سياسية دينية قصمت ظهر المسلمين، تتلخص في الطريقة التي بنى بها السلطان علاء الدين محمد “خوارزم شاه” دولته ! فقد بسط سلطانه على الطريقة الداعشية: 

“باقية وتتمدّد” !

فسلّط الله عليه من يلقّنه درساً في السياسة والتوحيد ويعلّمه أنّ البقاء لله وإنا إليه راجعون … 

الحكاية وما فيها أنّ السلطان علاءُ الدين حين شرع في تمديد دولته انطلاقاً من خوارزم أرغم ملوكَ المسلمين على البيعة كرهاً، ومدّ سلطانه إلى بلادهم جَبْراً، حتى استولى على أكثر من أربعمائة مدينة عظيمة من مدن الإسلام بقوة السنان، تمدّدت دولته من نهر سيحون إلى حدود العراق، فقتل ملوكها وزعماءَها ومن لم يخضع له من قادة الجيوش ثمّ خلا له الجوّ فتربّع وحده على عرش دولةٍ ظنّها باقية وتتمدّد.

تماماً كما يفعل البغدادي الداعشي في زماننا يسعى لفرض بيعته على المسلمين كرهاً بنصوص من المتشابهات لا تثبت أصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

إنّ سعي دواعش لمدّ سلطة خليفتهم على المسلمين كرهاً بقوة السلاح من إندونيسيا إلى المغرب الأقصى هو ضرب مِنَ الخبل والجنون، أفلا يَرَوْنَ أنّ أقرب المقربين من نِحْلتِهم التكفيرية الجهادية لا يقرّ للبغدادي بالإمامة والخلافة ؟!  

لقد أفصح لنا الحافظ ابن الأثير – رحمه الله – عن السبب الجوهري لانهيار امبراطورية دولة الإسلام في أقل من عام عند مواجهة الغزو التتري ولم يكن المغول يتمتّعون بتفوّق الطائرات أو الصواريخ فما هو السبب؟

سرّ الانهيار لخّصه ابن الأثير في ثلاثة أسطر بقوله :

“إنّ هؤلاء التتر إنما استقام لهم هذا الأمر لعَدَم المانع، وسببُ عَدَمِه أنّ خوارزم شاه محمداً كان قد استولى على البلاد وقتل ملوكها وأفناهم وبقى هو وحده سلطان البلاد جميعها، فلما انهزم منهم لم يَبْقَ في البلاد من يمنعهم ولا من يحميها”.

[الكامل في التاريخ 9/330]

أين هذا الخَبَل الداعشي من صنيع جنكيز خان الذي تعرّض ذات مرّة للخيانة من بعض جنوده، فرّوا من الزحف في إحدى المعارك وعند فرارهم رمى أحدهم جنكز خان بسهم  فأصاب عنقه..

طُبِّبَ “جنكز خان” مِنْ تلك الرمية الغادرة فأخفى جراحَه ثم أمر بقتل فرسه برمية سهم ليظنّ الناس أنّ السهم الغادر إنما أصاب الفرس ! وأنّ ما أصابه من وَعَكٍ وألم قد كان لسقوطه عن الفرس.

 ثم خرج إلى الناس وأمر بالقبض على الفرّارين المهزومين وتحرّى عن الغادر، فاعترف أحدهم بفعلته، وزعم أنه أصاب الفرس خطأَ وقد كان يقصد الأعداء فأسرّها جنكز خان في نفسه ، وعفا عنه وكرّمه وخلع عليه لقب “السهم” ورفع رتبته من جندي إلى قائد عسكري [جنرال] فأصبح القائد “السهم” من أخلص العساكر لجنكز خان وأشدّهم ذبّاً عنه.

نسخة للطبع نسخة للطبع