نرجع لاستكمال حكاية جنكزخان فإنّ لها بقية…
إن كانت سنة 67 هي سنة النكبة بالنسبة للعرب فإنّ سنة 617 هـ كانت سنة الطامة الكبرى والكارثة العظمى التي حلّت بالإسلام والمسلمين حتى ظنّ المؤرخ ابنُ الأثير – كما ذكرنا سابقاً – أن إسلام قد مات ومات أهله فكتب بدموع الغمِّ والأسى نعيَ الإسلام والمسلمين قُبيل موته بعد أنْ أمضى سنواته الأخيرة متردّداً وكارهاً لذكر الحادثة الأليمة وهو يقول:
“من الذي يسهل عله أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لمْ تلدني، ويا ليتني مِتّ قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً“.
ثم اشتدّ المرض بابن الأثير وتوقّف زمنُ تأريخه عند سنة 628هـ ومات بعدها بعامين فلم ير الفرج ولم يشهد المعجزة !
واشتدّت الظلمة بعد أن قتل المغول ملايين المسلمين وبنوا من جماجمهم القباب، ثم أكمل هولاكو مسيرة جدّه جنكزخان، فابتلع العراق وعرّج على بغداد عاصمة الإسلام سنة 658 هـ فدمّرها تدميراً، واشتدّ حَنَقه على خليفة المسلمين فوضعه في جالوق [أي كيس من قماش وقيل من الجلد] وأمر برفسه حتى الموت ثم أمر بقتل من بقي من أهل بغداد وسادات المسلمين من الأكابر والقضاة والرؤساء والأمراء، ولحق بمن فرّ من بني العباس إلى مصر.
لم تغنِ عن المسلمين أمدادُهم، ولم يُفلح في صدّ الغزاة جهادُهم، فانهار صرح الإسلام وكأنه بيضة نعامة تلقّفها ملكُ المغول بيده ثم قذف بها الأرض بكل ما أوتي من قوة !
ختم ابن الأثير الحكاية الأليمة بقوله:
“بحَقٍّ سمّى اللهُ نفسَه صبوراً حليماً وإلا كان خَسَفَ بهم الأرض عند فعل ذلك”
أين الله؟
أين ربُّكم؟
ألا يسمع صرخاتكم؟