تنازل النبي صلى الله عليه وسلم من غير إكراه ملجئ أو ضرورة قاهرة عن الإمامة السياسية التي تربطه بالمؤمنين المقيمين بمكة المكرمة ، وتعهّد بردّ من جاءه منهم مهاجراً إلى الله ورسوله …
والسؤال هنا أي بعد التوقيع على وثيقة الصلح :
ما حال المؤمنين بمكة المكرمة ؟
كيف يدبّرون شؤونهم الدنيوية ؟
أمنهم .. مصالحهم .. أموالهم … تجارتهم …
من يسوسهم وكيف يسوسهم ؟
هل من إرشادات ، هل من توجيهات ؟
سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك واكتفى بالبشارة قائلاً :
” ومن جاء منهم إلينا [ يعني فرددناه ] فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً “ .
قال من لا يفهم : كانت تلك البشارة لهم خاصة فالحكم خاص لا يقاس عليه ولا يجوز الاقتداء به أو تكراره .
والجواب : بل هي لهم خاصة وللمؤمنين عامة ، ألم يقل الله سبحانه وتعالى :
” ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ”
” مَنِْ ” من صِيغ العموم فهي بشارة للمؤمنين عامة ؟
أما سكوت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن عبثاً ، لقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم بسكوته للمؤمنين المقيمين بمكة أبوابَ الاختيار ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه : ” أنتم أعلم بأمور دنياكم ” .
سكوت النبي فسح للمؤمنين مجالات متنوعة لإدارة أمرهم بما يطيقون ، كما فتح مجالاً لتأسيس كيان سياسي ثان لا صلة له – سياسياً – بالدولة الإسلامية النبوية .
أو بعبارة أخرى : رخصة لتعدّد الإمامة السياسية …
صدّق أو لا تصدّق ! بدأ ذلك في العهد النبوي ….
وقد كان ذلك على يد الصحابي الجليل أبي بصير رضي الله عنه ، إذ قام بتأسيس كيان منظم مستقل عن إمارة المدينة المنورة ، واختار له أرضاً وموطناً مستقلاً منفصلاً عن الحدود الجغرافية للدولة النبوية .
وللحديث بقية ….