عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان شيخ جليل القدر ، زاهد قصاص ، عابد أهل الشام كان من أشراف الناس وساداتهم من أهل السلطة كما كان أبوه كذلك من عمّال الدولة الأموية ، قال يحيى بن معين : ” عبد الرحمن ضعيف وأبوه ثقة ” [ تاريخ ابن معين ] .
نقلت هذه الفائدة من أجل التفريق لأن بعض الورّاقين يخلطون بين عبد الرحمن وأبيه وقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناده عن أبي حاتم الرازي قوله :
“الأب ثقة والابن يشوبه شيء من القدر وتغيّر عقله في آخر حياته وهو مستقيم الحديث ”
وعليه اعتمد الحافظ ابن حجر فقال في التقريب : “صدوق ، يخطئ ، ورمي بالقدر ، وتغيّر بآخره ” .
أما صاحبا كتاب تحرير التقريب ؛ الدكتور بشار عواد والشيخ شعيب الأرنؤوط [ من المعاصرين ] فاستدركا على الحافظ ابن حجر بقولهما : ” أما اختلاطه فما ذكره سوى أبي حاتم وقد أطلق توثيقه ، قال تغير عقله في آخر حياته وهو مستقيم الحديث ، ولذلك فإن ذكر اختلاطه لا معنى له ، والظاهر أنه لم يحدث بعد تغير عقله ” .
وهو استدراك باطل لأن أبا حاتم لم ينفرد بذلك كما سيأتي ، ولأن ابن ثوبان قد حدث الناس بعد تغيّر عقله كما سنثبت بالدليل .
الأمر كما ترى لا يتعلّق بفاسق كذاب كان يتعمّد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بصالح صدوق تغيّر عقله لكبر سنّه ..
لكن الأمر – مع ذلك – خطير جداً لأنه يتعلّق بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام مالك رحمه الله : ” إن هذا العلم دين ، فانظروا عمّن تأخذون دينكم ، لقد أدركت سبعين عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد الرسول يقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أخذت عنهم شيئاً وإن أحدهم لو ائتمن على بيت المال لكان أميناً ” . [ رواه ابن عساكر في التاريخ ]
ولد عبد الرحمن بن ثابن بن ثوبان سنة خمس وسبعين ، وتوفي سنة خمس وستين ومائة ، فعمّر تسعين عاماً .قال ابن معين : ” أصله من خراسان نزل الشام ” .
كان عبد الرحمن من شيعة بني هاشم انتقل من الشام إلى بغداد فاستعمله الخليفة أبو جعفر المنصور وابنه المهدي على المظالم وبيت المال ببغداد [ تاريخ بغداد وغيره ] .
يعني على وجه التقريب كان ابن ثوبان قد جاوز الثمانين حين انتقل إلى بغداد .
قال يعقوب بن سفيان : عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان قدم إلى بغداد وكتب أصحابنا عنه ببغداد [ تاريخ يعقوب بن سفيان وعنه البغدادي وابن عساكر ] .
واتفقوا على موته ببغداد ، وبذلك جزم يحيى بن معين وعلي بن المديني .
عبد الرحمن عمّر طويلاً وتغيّر عقله وهذا سرّ الاختلاف في توثيقه وتضعيفه لأنه في الصغر كان أصلح وأضبط لروايته فلما كبر ساء حفظه .
بلغ عبد الرحمن مرحلة الشيخوخة والهرم في الشام فظهرت عليه أعراض المرض والخرف فمن الناس من تفطّن لذلك ومنهم من لم يتفطّن لمرضه ثم انتقل إلى بغداد في العقد التاسع من عمره فاستعمل على المظالم وبيت المال لما له من مكانة وهيبة .
ونبدأ في بيان أمره بما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناده إلى محمد بن حسان الشامي قال : ” رأيتُ عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان يحمل ابناً له على عنقه يدور به ، وعلى عنقه سيف حمائله شريط ، قال فكان يمرّ بالسبُع فيبصبص له”.
ما قصة السيف اللي على العنق ؟
وما قصة حمل الابن على العنق ؟
ومن أي شيء كان يخشى ابن ثوبان وهو لا يهاب السباع ؟
ستأتيكم تتمة الحكاية لتعلموا صحة القول المأثور : ” الطيور على أشكالها تقع ” ….