إني لأستحيي من الله أنْ أذكر فقه الأقليّات دون الحديث عن شيوخ الإسلام الذين يلجأ إليهم الأنام في استنباط الأحكام، وضبط قواعد الحلال والحرام.
مناراتٌ لامعة في بلاد الغربة بمنزلة النجوم الساطعة في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، فحاجة الناس إليهم هنالك أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، والمسلمون هنالك – ولله الحمد – فيهم بقية من الخير والصلاح والإيمان، وحسبك أنْ تعلم أنّ أحدهم لو شاء أنْ ينبذ الإسلام ومسائله لفعل ! لا يردّه في بلاد الديمقراطية الغربية وازع ولا قانون إلا خوفه من رب العالمين، نراهم – جزاهم الله خيراً – مستمسكين بحبل الإيمان، يتسابقون إلى شيوخ الإسلام يستفتونهم في الحلال والحرام، أولئك هم المؤمنون حقّاً، رضي الله عنهم ورضي عن شيوخهم من أهل الفقه والبصيرة.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نذكر الجبل الشامخ، والمنار اللامع، الفقيه الأصولي، شيخ الإسلام العلامة عبد الله بن بية – حفظه الله – .
جبل شامخ من جبال الفقه الإسلامي، من أئمة المذهب السني المالكي، فضائله لا تعدّ ولا تُحصر، تقرّب من الجالية المسلمة في أوربا فاطلع على أحوالهم ومشاكلهم وحالاتهم الاستثنائية، وأنصت لهم فأجابهم بما يصلح دينهم ودنياهم.
إنّ المطلعين على الإسلامي المقارن يعلمون أنّ المدرسة المالكية هي من أجود المدارس الفقيه في فقه المعاملات والبيوع وما يتعلّق بمعاش الناس ومصالحهم لأنها تعتمد على النقل النقيّ ومبدأ الاستصلاح وهذا ما يحتاج إليه المغتربون من المسلمين، وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية فقيه الحنابلة تعجبه اختيارات المالكية في هذه الأبواب ويقول :
“إن أصول مالك في البيوع أجود من أصول غيره”
[مجموع الفتاواى ج29 ص26]
شيخنا العلامة ابن بيّه يعتمد على الاستقراء الواقعي لأحوال المسلمين في بلاد المهجر مع مراعاة مبدأ التيسير والتسهيل، ويستند على علم مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام الفقهية المناسبة لتلك الحالات الاستثنائية، وبين السائل والمسؤول نُبصر وميض رغبة الاعتصام بحبل الإسلام.
وللحديث بقية