الضحك والبكاء صفة إنسانية بامتياز فطر الله الناس عليها ..
الجنين يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً فتعرف الأمُّ ألمَه وحُزنه من بكائه ، وتعرف فرحه وسروره من ضحكه قبل أن يتعلّم الكلام فسبحان من خلق الإنسان وعلمه البيان .
قال الله جلّ وعلا :
” وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ ، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ، وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ” . [ النجم آية 43-45 ]
وأمر الله رسولَه أن يقول للناس :
” إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ” . [ الكهف آية 110 ]
وقد روى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة ضحك نبينا عليه الصلاة والسلام فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت :
” ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لَهَواته ، إنما كان يتبسّم “.
ونحوه ما رواه الترمذي عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال :
” ما كان ضَحِكُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسّماً “.
ولا نعترض على ثبوت بعض الوقائع المحفوظة المعدودة التي صحّ فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضحك حتى بدت نواجذه ، أي الأسنان أو الأنياب التي تكون في مقدّم الفم ولا يستلزم ظهورها ظهور اللهاة ، ولا تعارض بين النصوص والجمع بينهما هيّن وبيّن ، ويستفاد منها في بيان صفة نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد كان :
قليلَ الضَحِك
ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال :
” كانوا يجلسون يتحدّثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ، ويتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ” .
وروي بلفظ : ” قلت لجابر بن سمرة : أكنتَ تجالس النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، كان كثيرَ الصمت ، قليلَ الضحك ، فكان أصحابه ربما يتناشدون الشعر عنده وربما قال الشيء من أمورهم فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا “.
هذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وهو القائل كما ثبت في الصحيحين :
” يا أُمةَ محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ” .