لم يكن رئيس مصر “عمرو بن العاص” عفريتاً من الجنّ يحقق الأماني والآمال بالمعجزات الخارقة كعفاريت سليمان عليه السلام، يقول أحدهم: “أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ”، ويقول الذي عنده علمٌ من الكتاب: “أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ” !!! وخلاف التنوّع هنا هو في نقل عرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين؟
صاروخ كهذا لا يقدر عليه إلا عفريت من الجنّ، وتلك معجزة ربّانية مرّت في لحظة استثنائية من تاريخ البشرية، في ظرف استثنائي، لمَلِكٍ استثنائي لا يُقاس عليه أحدٌ من الناس.
عمرو بن العاص عفريت من البشر، من رجال النبي القائل صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ”
سياسي حسن التدبير وذو كلمة، شارك في حكومة الإنقاذ عام الرمادة بعنصر الإمكان، فهل أتاك خبر ما كان ؟
بعد إرسال الدفعات الأولى من الإغاثة المصرية العاجلة بطريق البرّ الآمن شرع سيدنا عمرو بن العاص فوراً بإصلاح البنية التحتية للموانئ البحرية المصرية لتأمين خط للمواصلات البحرية يربط بين مصر والحجاز، لتأميل حركة السفن والأساطيل البحرية بصفة دائمة ومنتظمة وآمنة، في الظروف الكارثية الطارئة والظروف الطبيعية الهادئة ..
تدبير رجل دولة !
وتخطيط من يدبّر للبعيد !
ذاك إجراء عظيم مرّ عليه المؤرخون بشطر سطرٍ مقتضب كان مفهوم المعنى في عصرهم فاختصروه كما جاء في كتاب التأريخ لابن جرير الطبري والمنتظم في تأريخ الملوك والأمم لابن الجوزي في قصة كتاب عمرو بن العاص لعمر عام الرماد وفيها قول الراوي:
“فعالجه عمرٌو وهو القُلزُم”
وكما جاء في كتاب الكامل في التاريخ للحافظ ابن الأثير [2/375]:
“وأصلح عمرو بن العاص بحرَ القُلزم وأرسل فيه الطعام إلى المدينة”