بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمة من العرب تعبد الأوثان وتقدّس التصاوير والأصنام ، فحرّم الإسلام التصوير سدّاً لذريعة الشرك بالله ولذلك لم تُحفظ للنبي صلى الله عليه وسلم صورة مرسومة أو منحوتة على الجدران والأوراق فكانت صورته صلى الله عليه وسلم منحوتة محفوظة في قلوب المؤمنين من أصحابه الأخيار رضوان الله عليهم أجمعين .
أكرم الله تبارك وتعالى صدر هذه الأمة وخير قرونها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه آله وسلم فعاينوا محمداً رسولَ الله حيّاً وتَمَلّوا به ، وصلّوا خلفه ، وجلسوا معه …
منهم من عانقه ، ومنهم من قبّل يدَه ، وكادوا يقتتلون في التسابق وُضوئه ليتبرّكوا به ، واقتسموا شعرَه المُطهّر يومَ الحج الأكبر ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودخل التابعون في الإسلام أفواجاً أفواجاً بعد أن ضرب الإسلام في الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً فكان المسلمون إذا خرجوا للحج عرجوا على المدينة المنورة من فرط حبّهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فكانوا يسألون من بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشمائله وسيرته وخلقه ومعجزاته ودلائل نبوّته .
هذا عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان من أحبار اليهود ، مقيماً بيثرب وهي خليط من المسلمين واليهود والمشركين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة المنورة ترجّل عبد الله بن سلام إلى رسول الله لينظر إليه عن قرب ويتحقّق من أمره …
جاء إلى رسول الله ليسمع منه ويتأمل في وجهه الكريم وكان عبد الله بن سلام ذا علم بكتب الأولين وسيرة الصالحين وصفات المرسلين فأكرمه الله تعالى برؤية الصورة على حقيقتها …
فآمن عبد الله بن سلام بمحمد وصدّقه وناصره …
مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي من بقي من أصحابه فاستمع إلى جواب عبد الله بن سلام حين سأله التابعون بإحسان عن صفة محمد رسول الله ، قال رضي الله عنه :
” لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ انجفلَ الناس إليه ، وقيل : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئتُ في الناس لأنظر إليه ، فلمّا استنَبْتُ وجهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرَفتُ أنّ وجهه ليس بوجهِ كذّاب ، وكان أولَ شيء تكلّمَ به أن قال :
” يا أيها الناسُ ، أفشوا السلامَ ، وأطعموا الطعامَ ، وصلّوا والناسُ نيامٌ ، تدخلون الجنةَ بسلام ” .
رواه الترمذي وقال : هذا حديث صحيح
الله الله ما أجمل محمد رسول الله ..
الله الله ما أجمل ما جاء به محمد رسول الله …
يا أهل الإسلام دعوا الناس ليروا الصورة الحقيقة لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم …..
خلوا بين اليهود وبين محمد … خلوا بين النصارى وبين محمد … خلوا بين الوثنيين وبين محمد ….
قال الله تبارك وتعالى في سورة المائدة :
” يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) ”
قال ابن جرير الطبري في تفسيره : ” يعني بالنور ، محمداً صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق ، وأظهر به الإسلام ، ومحق به الشرك ، فهو نور لمن استنار به يبين الحق ” .