لماذا يُعتبر صنيع الدقامسة غدراً ؟

مَنْ قال أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أنزل الله فيهم:

“لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ”

وهم الذين شهدوا صلح الحديبية ورأوا قائدهم يصالح قوماً قتلوا المؤمنين وعذّبوهم، وضربوا رسولَ الله وطردوه من بلده … !

مَنْ قال أنهم كانوا راضين عن الصلح وشروطه المجحفة ومنها التوقيع على ردّ المهاجرين المؤمنين؟ 

أكثر أصحاب النبي كرهوا الصلح مع المشركين من أهل مكة حتى قال سهل بن حنيف الأنصاري:

“يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم، لقد رَأَيْتُنِي يومَ أبي جندل ولو أستطيع أن أَرُدَّ أمرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عليه لَرَدَدْتُهُ”

[من أحداث صلح الحديبية، رواه البخاري في الصحيح]

الرضا أو عدم الرضا بعد التوقيع على الصلح بشروطه المجحفة لم يعد متعلّقاً بالطرف الآخر بل بين رئيس الدولة الإسلامية – صلى الله عليه وسلم – وأتباعه، ولذلك أصبح الالتزام بموجبات صلح الحديبية واجباً على أتباع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أبى الالتزام بالصلح كان عليه أن يفارق الرئيس والدولة الموقعة على الصلح ….  مفهوم؟

وعليه فإنّ الاعتراض على غدرة الدقامسة ليس اعتراضاً على كرهه وعدم رضاه عن الصلح، وأنا – شخصيّاً – أقر بأن أغلب الشعوب العربية والإسلامية كانت ولم تزل غير راضية عن الصلح، ولكن ذلك لا يُبرّر الغدر.

كلنا يعلم أنّ الحدود الأردنية الإسرائيلية قبل التوقيع على الصلح كانت محروسة من الجانب الإسرائيلي بمقاتلين أولي بأسٍ شديد، مدجّجين بالسلاح، فلم يكن الدقامسة – ولا أبو الدقامسة – يجرؤ على الدنوّ منهم، لكن بعد الصلح أمِنَ الجانبان فسمحت إسرائيل للفتيات العزلاوات بالتنزّهر في تلك الأطراف القاصية، ولولا معاهدة “وادي عربة” لما تمكّن الدقامسة منهنّ، ولولا انتسابه إلى القوات المسلحة لما تمكن من الصعود إلى ذلك البرج الأقصى ليصبح على مرمى حجر منهنّ، الأمر باختصار كما قال الصحابي سلمة بن الأكوع في حادثة صلح الحديبية:

“فلمّا اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض

[رواه مسلم]

يا ناس !

الدقامسة كان جنديّاً منتسباً إلى القوّات المسلحة الأردنية يرفع على رأسه تاج الدولة الملكية ولذلك اعتبرنا صنيعه غدراً، إذ كان عليه أن ينزع التاج – أولاً – ويخلع لباس القوات المسلحة الأردنية وينقض انتسابه إلى الدولة الأردنية التي يرأسها الملك الداهية الموقّع على معاهدة الصلح، يفعل ذلك أولا ثم يلتحق إن شاء بجهة من الجهات المحاربة وما أكثرها كما فعل أبو جندل في قصة الحديبية فأرض الله واسعة .. إيه اللي منعو ؟  

نسخة للطبع نسخة للطبع