فتوحات الإسلام في مصر 21 هـ وما وراءها من بلاد المغرب الأقصى كانت تكملةً لمعجزة قرآنية …
سنعود بإذن الله لبيان تلك المعجزة القرآنية …
بعث سيّدنا عمر بن الخطاب جيشاً قليل العدد [ 3500 إلى 4000 ] بقيادة عمرو بن العاص فكان بعضهم يقول : “لا يكاد بعضنا يرى بعضاً من القلة” ، ثم أشفق أمير المؤمنين عمر على عمروٍ فأتبعه بمدد حتى بلغ عددهم اثني عشر ألفاً ، فانتزعوا مصر من الرومان في أيّام معدودات .
لم تكن مصر أرضاً خلاء بل كانت عامرة بسكّانها من القبط أخوال المسلمين الذين كرهوا هيمنة النفوذ الروماني البيزنطي على مصر فلم تقم لهم قائمة لنجدة الرومان فانهارت القلاع والحصون حتى سقطت الاسكندرية عاصمة الرومان بمصر ، ومن طرائف ما رواه ابن عبد الحكم بإسناده ” أنّ عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثني عشر ألف بقّال يبيعون البقل الأخضر ” اهـ
ثم استمرّ الزحف الإسلامي فطاردوا الرومان غرباً حتى وثبوا إلى الأندلس فتدحرجت الشائعات مع الفلول الهاربة كتدحرج كرة الثلج تكبر شيئاً فشيئاً .
وسبق العكّارين الكرّارين من المسلمين في الوثب إلى الأندلس الفرّارون من كتائب الرومان ترتعد فرائصهم كأنهم حُمُرٌ مستنفرة فرّت من قسورة ، فسبقت معهم الشائعات ليبرّروا فرارهم فوصفوا المقاتل المسلم بالوحش الكاسر لا يلبث له قائم فألقى الله الرعب في نفوس الناس …
ونلفت الانتباه هنا إلى قصة من النوادر العجيبة تبيّن لنا بعض الأخطاء العظيمة التي ارتكبها المسلمون في فتح الأندلس إذ كانت من أسباب نفرة الأوربيين من الإسلام ، ذكر هذه القصة ابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب والأندلس في معرض التباهي بانتصارات المسلمين وفتوحاتهم وهو من أبرز المراجع التاريخية التي كُتبت في القرن الإسلامي الثالث ، ومما جاء فيه :
” وقد كان المسلمون حين نزلوا الجزيرة (1) وجدوا كرّامين (2) ، ولم يكن بها غيرهم ، ثم عمدا إلى رجل من الكرّامين فذبحوه ، ثم عضّوه (3) وطبخوه ، ومن بقي من أصحابه ينظرون ، وقد كانوا طبخوا لحماً في قدور أُخَر ، فلما أدركت طرحوا ما كان طبخوه من لحم ذلك الرجل ، ولا يعلم بطرحهم له ، وأكلوا اللحم الذي كانوا طبخوه ، ومن بقي من الكرامين ينظرون إليهم فلم يشكّوا أنهم أكلوا لحم صاحبهم ، ثم أرسلوا من بقي منهم ، فأخبروا أهل الأندلس أنهم يأكلون لحم الناس ، وأخبروهم بما صُنع بالكرّام ” [ ج 1 / 234 ] .
من المنظور العسكري المجرّد من الأخلاق والقيم يدخل ذلك الصنيع في سياق تكتيك إرهاب العدوّ ولا شكّ أنها حيلة مذهلة تدلّ على التفوّق في المكر والخداع .
لكن لنعرض ذلك الصنيع من بعض السلف غفر الله لهم على الميزان الأكبر لنعلم هل كان ذلك منهجاً نبوياً أم منهجاً شيطانياً داعشيّاً ؟
ولتعلم بعد ذلك لِمَ حرّق الأوربيّون مصاحف المسلمين وطردوهم من الأندلس شرّ طِردَة ….
ولِمَ حفظ أهل إندونيسيا وماليزيا القرآن الكريم في قلوبهم …
قارن بين الوثبتين يرحمك الله …
ــــــــــــــــــــــــ
1 ) جزيرة أم حكيم في طريق المجاز إلى الأندلس ، وأم حكيم جارية لطارق بن زياد خلفها في تلك الجزيرة فسمّى المسلمون الجزيرة باسمها .
2 ) يعني الخمّارين ، والكرم هو العنب الذي يصنع منه النبيذ .
3 ) أي قطعوه بالسيوف أجزاءً ، وليس المراد العض بالأسنان ، ومنه قول الله تعالى : ” الذين جعلوا القرآن عضين ” أي جزّءوه فجعلوه أعضاءً متفرّقة .