مشروع “إمارة وادي النيل” تصميم حسن البنا وتنفيذ شركة ابن لادن للجهاد العالمي

 تنظيم الطليعة، جماعة الجهاد المصرية، الجماعة الإسلامية، تنظيم القاعدة، مروان حديد، عدنان عقلة، عبد الله عزام، الظواهري وغيرها من الأسماء والتشكيلات التنظيمية الجهادية هي مجرّد طلائع قفزت من سفينة الإخوان المسلمين. وابن لادن نفسه كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين باعتراف الظواهري.

وهؤلاء وإنْ كانوا قد انفصلوا ظاهراً وباطناً عن الرابطة التنظيمية مع الإخوان لكن أفكارهم وغاياتهم لم تزل مشكّلة على قوالب حسن البنا، فالانشقاق يشبه انفكاك جواهر الذهب ونحوها من قالب الصياغة بعد جفافها واشتدادها وثباتها على الشكل المُصاغ ولذلك فضّلتُ التشبيه بالقالب كما تقدم.

وسأضرب لكم مثلاً لتوضيح حيلة التفريخ :

كان الداهية السوداني حسن الترابي عضواً من جماعة الإخوان المسلمين ثم قفز من السفينة الإخوانية العالقة بكُلاّب النظام المصري، فسبق إلى الوصول للحكم، فلم يلبث أن تحالف مع الطلائع الجهادية المنشقة عن الإخوان، ويضلّ هنا من تشغله دقائقُ الخلافات في درجات التكفير والجهاد بين تلك الأطياف.

انظروا إلى المشهد العام من عَلٍ !

حسن الترابي كان مشاكساً للسلفية معروفاً بذلك لكنه تحالف مع السلفية الجهادية المنشقة عن الإخوان، وكان ذلك بعد هزيمة السوفييت في أفغانستان أي في خواتيم الثمانينات وبدايات التسعينات من القرن الماضي، وكان من المفروض المعقول أن تمضي “القاعدة” قُدُماً في ملاحقة المعسكر الشرقي الروسي للإجهاز عليه، وتمضي كذلك في الإصلاح بين المسلمين الأفغان، لكن ابن لادن انتهز فرصة الخلاف بين حكمتيار وشاه مسعود فتعجّل بالفرار ..

سبقه الظواهري إلى السودان فهندس الحلف الإسلامي الجديد مع الترابي، ثم تبعه ابن لادن وحلفاؤه إلى السودان وفرّقوا الأدوار فيما بينهم …

البشير قائد الجيش السوداني لقتال قرنق بصبغة دينية جديدة على الصراع القديم.

والظواهري زعيم جماعة الجهاد لقيادة الحركة الانقلابية المسلحة على النظام المصري.

ورفاعي طه زعيم الجماعة الإسلامية لاغتيال الرئيس المصري بضربة تكتيكية في أديس أبابا.

أما ابن لادن فأرسل رجاله إلى القرن الإفريقي في الصومال وإثيوبيا [إقليم أوجادين].

والسؤال المحيّر هنا: 

لماذا تخلّى ابن لادن بهذه العجلة عن أفغانستان، إذ لم يرجع إليها إلا مُرغماً في عهد الطالبان بعد طرده من السودان؟

الجواب: 

لأنه مُقَوْلَب بقالب حسن البنا الذي يعتبر أفغانستان مجرّد دولة هامشية في مشروع الخلافة، وأن مصر هي قلب العالم الإسلامي !

ولأنه مقولب كذلك بقالب حسن البنا الذي دعا إلى مدّ حدود الدولة المصرية إلى سواحل الحبشة ! أو بعبارة أخرى كانت حركة الحلف الجهادي المنشق في سياق تنفيذ مشروع “إمارة وادي النيل” الذي حدّد معالمه حسن البنا.

وللتذكير بالنصوص الخالدة – عندهم – فإنّ الإمام حسن البنا قال في مطالبه الداعشية المتعلّقة بالقطر المصري ما يلي:

“ونريد بعد ذلك أن تُؤمَّنَ حدودَنا الجنوبية بأن تحفظ حقوقنا في إريتريا ثم زيلع وهرر وأعالي النيل .. تلك المناطق التي اختلط بتربتها دمُ الفاتح المصري، وعمرتها اليدُ المصرية، ورفرف في سمائها العلمُ المصري الخفاق. ثم اغتصب من جسم الوطن ظلماً وعدواناً، وليس هناك اتفاق دولي أو وضع قانوني يجعل الحق فيها لغير مصر وإن أبي علينا ذلك الناس، ومن واجبنا ألا نتلقّى حُدُودَ بلدنا عن غيرنا وأن نرجع في ذلك إلى تاريخنا ولنر أي ثمنٍ غالٍ دفعناه من الدماء والأرواح في سبيل تأمين حدودنا لا لمطامع استعمارية ولا لمغانم جغرافية ولكن لضرورات حيوية لا محيص منها ولا معدي عنها” [رسائل الإمام حسن البنا]

راعي غنم بابتسامة رائعة من أوغادين

هل عرفتهم  – الآن – ما هو سرّ مغامرة ابن لادن في الصومال، ولماذا تخلى فجأة عن تحرير الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا وفلسطين ليُحرّر إقليم أوغادين ؟

نسخة للطبع نسخة للطبع