قال رسول الله ﷺ:
“من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد”
رواه الترمذي من حديث سعيد بن زيد مرفوعاً وقال حسن صحيح.
وفي الصحاح والسنن من حديث عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“من قتل دون ماله فهو شهيد”
ورواه الإمام أحمد وغيره بلفظ مطوّل بلفظ:
“من أُريد مالُهُ بغير حقّ فقاتل فقُتل فهو شهيد”
كانت في العهد الإسلامي الأول صفحة سوداء قصيرة الأمد طُويَت سريعاً بآية الوعيد فأعرض المفسرون عن الكلام في سبب نزولها حتى خفي عن المتأخرين تأويلها.
“وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ“
يظنّ بعض المفسرين أنها نزلت فيمن يخوّف المسلمين من الكافرين بالكذب والباطل، وليس كذلك بل نزلت في عصابة من المنافقين المُرجفين بالكلاب السائبة، كانوا من صعاليك الأوس والخزرج في أوائل العهد المدني قبل أن يستقر الإسلام ويعمّ في المدينة المنورة طيّبها الله وطيّب أهلَها، والقصة باختصار أن المدينة المنورة قديماً لم يكن فيها كُنُف لقضاء الحاجة فكان الناس يخرجون للخلاء، فكان للرجال متنزه، وكان للنساء متنزه خارج العمران، وكانت هنالك مجموعة من المنافقين الفسقة السفلة تتربّص في الخلاء بالنساء المهاجرات أي من غير بنات القبيلة، فإذا استفردوا بامرأة هيّجوا عليها الكلاب فإذا سقطت وتعرّت من شدّة الخوف والفزع وثبوا عليها فإذا ظفر الناس بأحدهم أخذوه وقتلوه، وكانت بالطبع وقائع شاذة ونادرة جداً كره السلف الحديث عن تفاصيلها، ولم يطالب أحد من الأوس والخزرج بدم أو دية لبشاعة الفعل المقيت، تماماً كما يجري الآن في الخرطوم ودارفور فالكل هنالك يبرأ من جرائم النهب والاغتصاب التي تقوم بها العصابات الإجرامية المتفلتة في الفوضى، كل الأطراف المتنازعة تبرأ منها ومن الفعل الشنيع إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً.
وقد خفيت على كثير من الفقهاء علة تحريم اقتناء الكلاب كما خفيت على بعض الصحابة علة الأمر بقتل الكلاب فظنوه عاماً، ولذلك كذلك أنزل الله تعالى آية الستر بالجلباب:
“يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ”
فاقرأ الآية التي بعدها لتفهم مناسبتها لما قبلها:
“ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا، مَّلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا”
كرهت لكم القتال تحت راية عُمِّيَّة، وكرهت لكم الاستخفاف بالدم، وكرهت لكم عدم التثبّت والتبيّن قبل الخوض في استباحة الدماء، لكنني لم أنهكم عن الذب عن أعراضكم وبناتكم وزوجاتكم، في الثقافة الغربية يصفون الجبان بالدجاجة لكن حتى الدجاجة تنتفخ وتثبت وتقاتل دون أفراخها هذه الفطرة وهذه الطبيعة، من أُريد عرضُه بغير حقّ فقاتل فقُتل فهو شهيد.