نُسخة “المسند الصحيح للإمام مسلم” وأعني النسخة المطبوعة في زماننا، المتواترة بين أيدي الناس بالوجادة هي على الراجح نسخة ملفّقة من ثلاث روايات دخل بعضها في بعض فاختلطت في نسخة واحدة دون تمييز، وهو من “المسكوت” الذي لا يُرغب في الخوض فيه، وهذا هو الفرق بينها وبين نسخة صحيح البخاري المعروفة باليونينية وهي نسخة بالغة الضبط والجودة وإنْ كانت كذلك ملفّقة من مجموعة من الروايات لكنّ الإمام شرف الدين اليونيني – رحمه الله – ميّز الاختلافات والزيادات بعلامات فنسب كلَّ زيادة أو اختلاف في اللفظ إلى راويها، وكذلك فعل الحافظ ابن حجر في شرح الصحيح، اهتم بضبط الروايات وتنقيحها ونبّه على الزيادات التي أدرجها بعضُ الرواة خطأ على الإمام البخاري، وقد حظي الموطّأ للإمام مالك بمثل ما حظي به كتاب البخاري من الاهتمام كما فعل الحافظ ابن عبد البر القرطبي في التمهيد والدارقطني في الموطآت، وهذا ما لم يفعله الحافظ النووي ولا غيره – فيما أعلم – من شرّاح الصحيح للإمام مسلم.
ولا يعني هذا أنني أشكك في صحة نسبة النُسخة المُلفّقة إلى الإمام مسلم، كلا هي نسخة صحيح الإسناد إليه بجميع الروايات، ولذلك – فيما أظنّ – تساهل العلماء في فرز الروايات وتمييزها وهنا وقع الإشكال، لأنّ الإمام مسلم جمع كتابه على مرحلتين أو أكثر، هناك مراجعة وتراجع مسكوت عنه !
فللحديث بقية