فضيحة الصحابي المزعوم ” رتن الهندي ” كانت واضحة للعقلاء ، لم ترّ عليهم مرور الكرام … فمنهم من غلّظ القول فيه كالذهبي وغيره فقالوا : هو خبيث دجّال …. ومنهم من ألانَ القول فيه فلعلّ الشيخ الهرم كان طيّباً مُخرّفاً لا يعقل ما يقول وهذا أحوط ما يقال فيه …
الحافظ ابن حجر رحمه الله احتج على المخالفين ممن آمن به بحجة عقلية عرضها بأسلوب مهذّب لطيف مراعاةً لمقام الصحابة رضي الله عنهم ….
” رتن بن عبد الله الهندي ” يزعم أنه صحابي شهد المغازي مع رسول الله وعاش بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لأكثر من ستة قرون !
يا لطيف !
قد يقول قائل : لعها كرامة ككارمة أصحاب الكهف ومعجزة من الله سبحانه وتعالى والله على كل شيء قدير .
الجواب [ كما أشار إليه الحافظ ابن حجر ] : أين كان ” رتن ” في القرن الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس حتى ظهر في أواخر القرن السادس ، لماذا لم يأتِ ذكره على لسان أحد من الأولين .
أصحاب الكهف كانوا معروفين قبل فقدانهم ، فأين كان صاحبكم رتن ؟ ومن هو رتن ؟
ما يُقال في رتن يقال في سفينة الفارسي ؟ وما أدراك ما سفينة ….يزعمون أنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ويزعمون أنه قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وكان خادماً له عشر سنين ، أي الصحابي المعروف بالتواتر – الصادق المصدوق – أنس بن مالك رضي الله عنه .
أي كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم مع بداية العهد المدني بعد الهجرة النبوية …
ويزعمون أنه قد شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم فضحك النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بذلك …
ويزعمون أنه قد خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فثقل على الصحابة متاعهم ، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم رداءه فجعل الصحابة يلقون أثقالهم ، منهم من يلقى سيفه ، ومنهم من يلقى ترسه ، ومنهم يلقى رمحه ، ثم جعلوا الأثقال على ظهر خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم – كما زعموا – : احمل فإنما أنت سفينة ، قال سفينة : فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل عليّ إلا أن يجفوا …
والقصة رواها أحمد والبيهقي في دلائل النبوة
وحُقّ له أن يلقّب سفينة فهو قادر على حمل نحوٍ من 3000 إلى 4000 كيلو جرام ! أو يزيد
وهذه أثقال لا تقدر على حملها السيّارت الحديثة المصنوعة من الحديد ذي البأس شديد إلا أن تكون شاحنة كبيرة الحجم …
وهو شيء يجاوز المعقول وقوانين الطبيعة ..
ويزعمون أن المدعو ” سفينة ” ركب سفينة بعدما وقع في أسر الروم ففر هارباً هو جماعة من أصحابه المسلمين ، فانكسرت بهم السفينة في البحر فركب لوحاً منها فطرحه على الساحل [ لا ندري كيف نجا أصحابه ] ، فلقيهم ” أسد ” ، فتراجع أصحابه خوفاً من الأسد وعملا بقانون الطبيعة كما في الحديث النبوي :
” فرّ من المجذوم فرارَك من الأسد ” .
لكن سفينة الفار من الروم تقدّم إلى الأسد فبَصْبَصَ الأسد لسفينة .
فقال له سفينة : يا أبا الحارث [ كنية الأسد ] أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فطأطأ الأسد رأسه وضرب بذنبه الأرض وقعد …
ثم جعل يدفع سفينة بجنبه أو كتفه حتى أوقفه على الطريق … ثم ودّعه الأسد بهَمْهَمة فهمها سفينة بأنها تعني : ” السلام ” … وفي رواية أن الأسد قاده إلى جيش المسلمين ثم ودّعه .
يعني أوتي منطق الأسود !
وبالطبع أدرج البيهقي هذه الكرامة أو الفضيحة في كتابه دلائل النبوة .
من هو سفينة ؟
اتفق العلماء على القول بأنه ” فارسي ” ، وأكرم بأهل فارس ..
وقلّد بعضهم بعضاً فذكروه في الصحابة وفي التكثير بركة ، لكنهم اختلفوا في تحديد اسمه وهويّته ..
1 – فقال بعضهم هو : ” مهران ” .
2 – وقال بعضهم بل هو : ” طهمان “
3 – وقال بعضهم هو : ” مروان “
4 – وقال بعضهم هو : ” نجران “
5 – وقال بعضم هو : ” رومان “
6 – وقال بعضهم هو : ” ذكوان “
7 – وقال بعضهم هو : ” كيسان “
8 – وقال بعضهم هو : ” سليمان “
9 – وقال بعضهم هو : ” سعنة ” .
10 – وقال بعضهم هو : ” سغنة ” .
11 – وقال بعضهم هو : ” أيمن ” .
12 – وقال بعضهم هو : ” مرقنة ” .
13 – وقال بعضهم هو : ” أحمر ” .
14 – وقال بعضهم هو : ” أحمد ” .
15 – وقال بعضهم هو : ” رباح ” .
16 – وقال بعضهم هو : ” مفلح ” .
17 – وقال بعضهم هو : ” عمير ” .
18 – وقال بعضهم هو : ” معقب ” .
19 – وقال بعضهم هو : ” قيس ” .
20 – وقال بعضهم هو : ” عبس ” .
21 – وقال بعضهم هو : ” عيسى “
واحد وعشرون قولاً أحصاها الحافظ ابن حجر في ذكر اختلاف العلماء في تحديد هويّته …
بقي عليك أن تعلم سبب الاختلاف الفظيع في تحديد اسم المدعو ” سفينة ” .
فتابع معي ..