انهارت المنارة الحدباء بعد صمود امتدّ لتسعة قرون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
لا تقل من “الفاعل” بل قل من “المسؤول”؟ فإنّ الحرب لا تأتي بغير الخراب، وإنّ ما جرى في الموصل القديمة كان متوقّعاً بغض النظر عن الفاعل والمفعول لأنّ التحصّن بالمباني العتيقة المتهالكة والاقتتال في تلك المساحة الضيقة جعل الأمر أشبه بمصارعة سوقيّة فيها خَبْطٌ ورَكْلٌ ورَفْسٌ في محلّ ضيّق لبيع القوارير الزجاجية والتحف الخزفية، فما الذي تتوقّعونه من تلك الملحمة السوقية؟ وما الجدوى من البحث عمّن خَبَط هذه أو رَكَلَ تيك؟
إنّ صورة المنارة وهي تنهار بلمح البصر من شدّة التفجير تذكرنا بكلمة العدناني الناطق باسم الدواعش حين سعى جاهداً لاستفزاز الأمم العظيمة بقوله:
“إن المعركة تسير بفضل الله كما خططنا لها، فقد جرجناك إلى حربين في خراسان والعراق نسيتِ بها أهوال فيتنام، وهذه حرب ثالثة تمتد إلى الشام وفيها نهايتك ودمارك وزوالك بإذن الله، فإن أردت أقل الخسائر فعليك دفع الجزية لنا والاستسلام”.
صدقت يا عدناني! سارت المعركة كما خططتم لها، دُحِرْتُم من دابق، ونُحيّيتم عن الأعماق، وجَرْجَرْتُم الأُمَمَ إلى مدينتكم، فخَرَبْتُم بيوتَكم بأيديكم، ودَمّرتم منارتكم بصلفكم، فقُضي الأمر وقيل:
“بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”