انتخبتُ لكم من التاريخ الإنساني قانوناً وضعياً ابتدع في الزمن الجاهلي، لا ينكر حُسنَة إلا من طبع الله على قلبه وعقله، ذلكم القانون وضعه مجوسي كان ملك ملوك مملكة فارس ويُدعى “شاه بور” [سابور] باني مدينة “نيسابور” التي ينتسب إليها الإمام مسلم صاحب الصحيح رحمه الله تعالى.
نازلة من العصر الجاهلي وقعت قبل الإسلام بثلاثة قرون، ذكرها ابن جرير الطبري، قال – رحمه الله – :
« أول ما عُرف من تدبيره وحسنُ فهمه أنه استيقظ ليلة وهو في قصر المملكة بطيسبون من ضوضاء الناس بِسَحَر، فسأل عن ذلك، فأخبر أن ذلك ضجّة الناس عند ازدحامهم على جسر دجلة مقبلين ومُدبرين، فأمر باتخاذ جسر آخر، حتي يكون أحدهما مِعبراً للمُقبلين، والآخر مِعبراً للمدبرين، فلا يزدحم الناس في المرور عليهما، فاستبشر الناس بما رأوا من فطنته لِما فَطَن من ذلك على صغر سِنّه وتقدّم فيما أمر به من ذلك، فذُكِرَ أن الشمس لم تغرب من يومهم ذلك حتى عُقِدَ جسر بالقرب من الجسر الذي كان فاستراح الناسُ من المُخاطَرة بأنفسهم في الجواز على الجسر، وجَعَل الغلامُ يتزيّد في اليوم ما يتزيّد غيره في الحين الطويل“.
[تاريخ الطبري ج 2 / 55]
انظر كيف وصف شيخ الإسلام ابن جرير الطبري ذلك القانون وواضعه المجوسي، وتأمل أول قانون وضعي لتنظيم حركة السير في التاريخ الإنساني، واستفتِ قلبَك ولو أفتاك المفتون:
هل هذا كفر أم لا ؟
فإن كان كفراً فلماذا؟
وإن لم يكن كفراً فلماذا ؟