قالوا: إنّ كلمات الإمام حسن البنا – رحمه الله – عن مشروع إعادة أمجاد الامبراطورية الإسلامية هي غايات وآمالٌ من المُتشابهات، تأويلُها في قوله المُحكَم :
“الطريق طويلة ولكن ليس هنالك غيرها …… فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نُضجها أو يقطف زهرة قبل أوانها فلستُ معه في ذلك بحال، وخيرٌ له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات”
[رسائل الإمام حسن البنا – خطبة المؤتمر الخامس العام]
فقالوا: إنّ تلك الكلمات من الإمام حسن البنا تدلّ على نضوجٍ في الوعي والتفكير والتخطيط، وتدلّ على البراغماتية في التعاطي مع المشروع العملاق، وقد ذكرها في المصارحة بعد الحديث عن ضرورة التدرّج في الخطوات، فالأمر كقول المثَل: “رحلة الألف ميل تبدأ بخَطْوة”.
قلتُ: بل هو التأسيس للفكر الداعشي لأنه أتبع التأويل بتفسير حسابي دقيق خارج نطاق المعقول فتأمّلوا تتمة الكلام.
الخطبة الكاملة مدوّنة وموثّقة في كتاب رسائل الإمام، فارجعوا إلى التكملة واقرأوا ما قاله في التأنّي، فقد طالب المتعجّلين بالانصراف عن الجماعة ثمّ طالب غيرَ المتعجّلين بالصبر وتتبع الخطوات المرسومة مع ترقّب “شارة” التطوير إلى مرحلة التنفيذ والغزو والفتوحات فقال لأتباعه:
“وفي الوقت الذي يكون فيه منكم ـ معشر الإخوان المسلمين ـ ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسياً روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأنْ أخوض بكم لحج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء. وأغزو بكم كلَّ عنيد جبار، فإني فاعلٌ إن شاء الله، وصدق رسول الله القائل: “ولن يُغلب اثنا عشر ألفاً من قلة”، إني أقدر لذلك وقتاً ليس طويلاً بعد توفيق الله، وأستمداد معونته وتقديم إذنه ومشيئته، وقد تستطيعون أنتم معشر نواب الإخوان ومندوبهم أن تقصّروا هذا الأجل إذا بذلتم همّتكم، وضاعفتم جهودَكم، وقد تهملون فيخطئ هذا الحساب”.
[رسائل الإمام حسن البنا – المؤتمر الخامس العام]
هذا – وأيمُ اللهِ – هو عينُ الفكر الداعشي الذي أتكلّم عنه، هذا هو عينُ الخَبَل والهَبَل في فهم النبوءات والنصوص الدينية، هذا هو الفهم السقيم الذي أدى إلى انحطاط الحركات الإسلامية التي سارت في ركب “البنا”المتعجّلة وغير المتعجّلة.
وهنا يتجلى الفارق في رُتَب الجنون !
مجنون الغرب استعد للفتوح بثلاثة ملايين جندي وأساطيل من البارجات والغواصات والطائرات والدبابات والمدافع.
أما صاحبنا فيستعدّ للفتوح باثني عشر ألف رياضي ببنادق الخرطوش وحَبّ الفنكوش.
أيُلامُ البغدادي بعد تلك الحِسْبَة ؟