فائدة لعلك تقرأها لأول مرة !
استقرّ رأي الصحابة بعد المشورة على بدء التأريخ من سنة الهجرة النبوية، ثم اختلفوا في في الشهر الأول هل يبدأوا من اليوم الأول لشهر رمضان من سنة الهجرة النبوية أم لشهر رجب أم ذي الحجة أم ربيع الأول ؟ وهو الشهر الذي وصل فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فنزل في بني عمرو بن عوف فصلى في قباء، وهو اليوم المذكور في القرآن الكريم:
“لمسجدٌ أسس على التقوى من أول اليوم”
وقد زعم السهيلي أن الصحابة إنما أخذوا التأريخ بالهجرة من هذه الآية !
وكان ذلك اليوم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول !!
سيدنا عمر وعلي وعثمان رضي الله عنهم أشاروا باليوم الأول من المُحرّم فلماذا؟
روايات المشورة جاءت مختصرة غامضة ولذلك حار العلماء في معرفة السرّ لذلك الاختيار واجتهد الحافظ ابن حجر في حلّ اللغز فقال:
“إن هلال المحرّم كان أول هلال استهلّ بعد البيعة والعَزم على الهجرة كان في المُحرّم فناسب أن يُجعل مبدأ” !؟؟
قال : “وهذا أقوى ما وقفتُ عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم”
[فتح الباري 7/268]
وهو جواب وجيه لكنه غير شافٍ …
لأنّ الجواب الصحيح الشافي نجده في ثنايا المشورة ذاتها ….
نجده في رواية ابن أبي خيثمة في التاريخ وفيها:
“ثم قال [يعني عمر بن الخطاب] بأي شهر نبدأ فتصيّره أول السنة؟
فقالوا: رجب
وقال آخرون : شهر رمضان
وقال بعضهم: ذو الحجة، فإنّ أهل الجاهلية كانوا يعظّمونه
وقال آخرون: الشهر الذي خرج من مكة
وقال آخرون الشهر الذي قدم فيه [ يعني ربيع الأول]
فقال عثمان:
“أرخوا من المحرم أول السنة، وهو شهر حرام، وهو أول الشهور في العدّة، وهو منصرف الناس من الحج، فصيّروا أول السنة المحرّم، وكان ذلك سنة سبع عشرة في ربيع الأول”
قال الراوي: فكان ذلك سنة سبع عشر في ربيع الأول من الهجرة” اهــ
ويستفاد منه أن الاجتماع على وضع التأريخ كان عام الرمادة !
السؤال الذي يفكّ اللغز هو:
ما الذي قصد عثمان بقوله “هو أول السنة” ؟
الجواب بالمصطلح العصري الحديث:
يعني أول السنة المالية
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة المصدّقين لجمع الصدقة إذا أهلّ هلال المحرّم، فهو مبدأ حول الزكاة، وهذا ما جرى عليه العمل بعد رسول الله كما قال الإمام الشافعي في الأم:
“وأحبّ أن يكون يأخذها [يعني الإمام] في المحرّم، وكذلك رأيتُ السعاة يأخذونها عندما كان المحرّم في صيف أو شتاء”
[كتاب الأم ج2/18]