عند وقوع الكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية يتمّ – في العادة – إعلان حالة الطوارئ، فيعلّق العمل بكثير من القوانين التقليدية فتُستبدل بنُظُم وقوانين وأحكام بديلة عُرفية قد تكون وضعية حادثة غير منصوص عليها، وهو ما يُعرف في المصطلح الحديث بقانون الطوارئ.
هذا ما فعله سيّدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرمادة اذ اجتهد – رضي الله عنه – في إمداد الأعراب خارج المدينة بالإبل والقمح والزيت من الأرياف كلّها، فلمّا تجلّبت الأعرابُ من كل ناحية فقدموا المدينة المنورة حفاةً عُراةً فرّقهم عمر على أحياء المدينة ومنازلها، وأمر عمر رجالاً يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم ويطعمون المرضى منهم كما ذكره ابن سعد بالتفصيل الدقيق حتى جاء الفرج والمدد من “مصر” !! فقال عمر بن الخطاب:
“لو أنّ الله لم يُفرّجها ما تركتُ بأهل بيت من المسلمين لهم سَعَة إلا أدخلتُ معهم أعدادهم من الفقراء فلم يكن اثنان يهلكان من الطعام على ما يُقيم واحداً”
[رواه البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح]
لو تأمّلت سياسة عمر وكلامه رأيته أقرب للنظام الاقتصادي الاشتراكي، كما أنّ الضريبة التي همّ عمر بفرضها على أهل السعة هي أعلى بأضعاف مضاعفة من نصاب الزكاة المفروضة 2.5%
والسؤال هنا: ألم يقل الله تبارك وتعالى:
“وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ۚ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ”
ألم يعصم القرآنُ الكريم أموالَ أهل السَّعَة بقوله سبحانه وتعالى:
“فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ”
وفسّره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
“فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم وأموالَهم”
فما تلك الضريبة الزائدة التي هم عمر بفرضها على أهل السعة، ما ذلك القانون الوضعي الاشتراكي الذي همّ عمر بإيجابه على المسلمين، أهو خروج عن شريعة الإسلام – معاذ الله – أم هو خروج من الجزئي إلى الكلّي وعَمَلٌ بمقاصد الشريعة ؟؟