ما الحكمة في سيرة “الحجاج بن يوسف الثقفي” ولماذا تنبّأ النبي صلى الله عليه وسلم بخروجه؟

 في النصف الثاني من القرن الإسلامي الأول برزت شخصيّة تاريخية فريدة ونادرة “الحجاج بن يوسف الثقفي” وزير الداخلية، شرطي الدولة الأموية الذي نجح في القضاء على المعارضة السياسية والدينية بجميع أطيافها بغلبة السيف والسنان حتى استتب الأمر للدولة الأموية .

قتل الحجاجُ؛ عبدَ الله بن الزبير رضي الله عنه فصلبه منكوساً على رأس الثنيّة ليراه الداخل والخارج من مكة المكرمة، وروى الحميدي ومسلم في الصحيح أنّ الحجاج دخل على أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أم المعارض السياسي المصلوب عبد الله بن الزبير فقال لها : يا أُمَّهْ إنّ أمير المؤمنين [يعني عبد الملك بن مروان] أوصاني بكِ، فهل لكِ من حاجة؟

فقالت : ما لي من حاجة، ولستُ بأمٍّ لَكَ ولكني أُمُّ المصلوب على رأس الثنيّة، فانظر حتى أحدّثك ما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

“يخرج في ثقيف كذّابٌ ومُبير”

قالت فأما الكذاب فقد رأيناه [تعني المختار الثقفي] وأما المبير فأنتَ .

فقال الحجاج : نعم أنا مُبير المنافقين” اهـ

ولأنّ الحجاج كان ظاهرة نادرة خارقة للعادة فقد أحصى الناس عدد من قام بإعدامهم وسجنهم من المعارضة السياسية الإسلامية فبلغ من قتلهم صَبْراً مائة ألف وعشرين ألف قتيل [120.000] كما رواه الترمذي في السنن عن هشام بن حسّان.

وعُرضت السجون عند موت الحجاج فوُجد فيها ثلاثة وثمانون ألفاً [83.000] منها ثلاثون ألفاً [30.000] من النساء لم يَجِبْ على أحدٍ منهم قطعٌ ولا صَلْبٌ [يعني سجناء الرأي السياسي]، وروى أبو بكر الدينوري في كتاب المجالسة بإسناده إلى السري بن يحيى قال : مرّ الحجاج في يوم جُمعة فسمع استغاثة، فقال : ما هذا ؟

فقيل له : أهلُ السجون يقولون : قَتَلَنا الحَرُّ

فقال : قولوا لهم : “اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمون” 

[ سورة المؤمنون آية 108]

قال فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جُمعة حتى مات” اهـ    وتلك الحادثة الأليمة كانت تحديداً في النصف الثاني من شهر رمضان سنة 95 هـ الموافق شهر حزيران 714 هـ في العراق في مدينة واسط بين الكوفة والبصرة حيثُ تصل درجة الحرارة الدنيا ليلاً في مثل هذا الشهر من العام إلى 40 درجة مئوية أي ما يعادل 104 بقياس فهرنهايت، والدرجة العليا إلى 50 درجة مئوية أي ما يعادل 122 بقياس فهرنهايت، قبل عصر الكهرباء والمراوح ومكيّفات التبريد !!

لا أذكر ذلك من الماضي السحيق لتجديد مجالس النياحة واللطم بل لتجديد مسيرة الإصلاح السياسي والأخلاقي والديني.

تأملوا – أيها الناس – في الحكمة من تنبّأ النبي صلى الله عليه وسلم بخروج المُبير؟ 

هنا نقّبوا عمّا يفيد حاضركم ومستقبلكم ..

فللحديث بقية

نسخة للطبع نسخة للطبع