لشرّاح الحديث النبوي أقوال كثيرة في استنباط الفوائد النفيسة من قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع صفية أم المؤمنين رضي الله عنها، أذكر منها قول ابن بطّال المالكي في شرح الصحيح معلّقاً على قول النبي صلى الله عليه وسلم “إنها صفية” قال – رحمه الله -:
” فغيره [أي غير النبي صلى الله عليه وسلم] ممن ليس بمعصوم أولى بخوف التهمة، وإنما فعل ذلك ليسنّ لأمته البُعد عن مواضع التهم”.
وقول الحافظ ابن الجوزي :
“هذا الحديث يأمر بالتحرّز من كلّ مكروه يخطر بالظنون، وينهى عن مقام الرّيب، ويحثُّ على حفظ العرض من ألسنة الناس”.
وقول الحافظ ابن رجب الحنبلي:
“فيه دليل أنّ طلب البراءة للعِرض ممدوحٌ كطلب البراءة للدين”
ويفهم من ذلك أن المسلم وإنْ كان في سريرته وباطنه سالماً بريئاً نقيّاً طاهراً هو مطالب بالمبادرة لتحسين صورته وتبرئة ساحته إذا ارتاب الناس منه، أيّاً كان سبب الارتياب، ولذلك أوصى الإمام الغزالي المسلمين بأن لا يُعجبوا بأنفسهم فيقولوا:
“إنّ مثلنا لا يُظنُّ بهم إلا خيراً”
قال رحمه الله :
“لأنّ أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة، بل بعين الرضى بعضهم، وبعين السخط بعضهم فيجب التحرّز عن تهمة الأشرار”.
يا معشر المسلمين إن كان فيكم قلة من المنفّرين يقتلون الناس غدراً وبغياً وعدواناً باسم الإسلام زوراً وبهتاناً فإنّ الواجب عليكم أن تبادروا – أنتم – بتحسين صورتكم وصورة دينكم .
يا أهل الإسلام دعوا الكبر والغرور جانباً ثم بادروا – أنتم – بالغسيل من جهتكم وفي بيتكم ثم انشروا النقيَّ على حبالكم، ثم قولوا للناس انظروا من نكون وكونوا شهداء بالحقّ …
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“اللهمّ نقّني من الخطايا كما يُنقّى الثوبُ الأبيضُ من الدَنَس، اللهمّ اغسل خطايايَ بالماءِ والثلج والبَرَد”
[رواه البخاري ومسلم]