ذكرنا في المقالات السابقة أن الإسلام يتعرّض هذه الأيام لحملة إعلامية شرسة تهدف في الأساس إلى تشويه صورته وتنفير الناس منه تحت غطاء الحرب على الإرهاب، كما أشرت في المقال السابق إلى ازدواجية الحملات التي تُشن على الإسلام بعد أن باتت تأتي من الخارج والداخل في آن واحد !
من الداخل غلاةٌ جَوّانية مِنْ شرّ البريّة أسرفوا في البغي والعدوان باسم الإسلام وتحت راية الإسلام والله لا يُحبُّ المعتدين، هم من جِلْدتنا ويتكلّمون بألسنتنا وينتسبون إلى ديننا، لكنهم شغلوا المسلمين عن التصدّي للحملات البرّانية بمشاغيل تذهل كلَّ مرضعة عمّا أرضعت، وكلَّ ذات حَمْلٍ عن حملها، حتى جرّوا الناسَ بخبَلهم إلى ردغَةِ الخَبال وبِرَكِ الدماء، فلما عمّت الفوضى واتسع الخَرْقُ على الراتق أقبل عقلاءُ المسلمين بعضهم على بعضٍ يتساءلون في حَيْرةٍ:
من أين نبدأ معشر المسلمين؟
هل نبدأ بإصلاح صورَتنا البرّانية وصد الرشقات الإعلامية التي تأتينا من خارج الأسوار الإسلامية؟
هل نبدأ باستبدال الشادر الأفغاني والبرقع القطري بمناديل الحجاب الإسلامي التركي؟
أم نبدأ بكَفِّ الحثالة المنبوذة من سفهائنا الذين يثقبون أسوارنا من الداخل؟
وفي خضم هذه البلبلة أستحضر لكم حِكمَةً من روائع المدرسة المحمّدية رواها الإمام عبد الله بن المبارك وأبو داود في الزهد وأبو نُعيم في حلية الأولياء بإسناد صحيح متصل إلى سيّدنا سلمان الفارسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها يقول رضي الله عنه :
“لكلِّ امْرئٍ جَوَّاني وبَرَّاني، فمَنْ أصلح جَوَّانِيَّه أصلَحَ اللهُ بَرّانِيَّهُ، ومن أفسَدَ جَوّانيَّهُ أفسد اللهُ بَرَّانِيَّه”