في العقد الثالث من القرن الثالث عشر ميلادي – وتحديداً – سنة 617 هـ كان المسلمون في “الشرق الأوسط” والصليبيّون في أوربا وبلاد الروم منهكين متعبين من كثرة الحروب والكوارث الطبيعية [كطوفان النيل والزلازل والطاعون] حتى اضطر الطرفان إلى عقد هدنة صلحٍ بعد فشل الحملة الصليبية الخامسة التي حظيت – هي الأخرى – بنصيب من طوفان النيل وغضب الطبيعة.
“وربّك يَخلُقُ ما يشاء ويَختارُ ، ما كان لهم الخِيَرة”
توقيت الهدنة كان بتوفيق الله فرصة للراحة والتقاط الأنفاس وحفظ الدماء والعمل على إعادة الإعمار وتشييد البُنى التحتية وما خرّبته الحروب والكوارث، فقد كانت الحملات الصليبية بالنسبة للمسلمين كالحرب العالمية الأولى والثانية بالنسبة للأوربيّين.
النبي صلى الله عليه وسلم أشار بأصبعه نحو المشرق وقال :
“من هنا تأتي الفتن من حيثُ يطلع قرن الشيطان”
لكن المسلمين في ذلك التوقيت من ذلك العصر لم يلتفتوا إلى تلك النبوءة إذ كانت وجهة التربّص والحذر الإسلامي مصروفة نحو المغرب حيثُ تطلع بارجات الغربية الصليبية !
أما ظهرهم من ناحية المشرق من حيثُ تطلع الشمس فكان دافئاً آمناً بدرعٍ إسلامي أمين ودولة حليفة يتزعّمها عالم دين سُنّي حنفي لقبه “خوارزم شاه” وهو الفقيه العالم الفاضل السلطان ؛ علاء الدين محمد بن علاء الدين تكش – رحمه الله تعالى – وكانت دولته القويّة تمتد من حدود العراق غرباً إلى تركستان على حد نهر سيحون شرقاً إلى بلاد غزنة [أفغانستان حالياً] وبعضٍ من بلاد الهند [باكستان] في الجنوب الشرقي، وهو امتداد جيوسياسي استراتيجي بالنسبة للدولة الأيوبية في ذلك العصر كليبيا والسودان بالنسبة لمصر في حرب 1973، ولذلك احتفظ المسلمون على عرش الخلافة العباسية ببغداد في الزاوية الآمنة على تخوم الحدود الشرقية بعيداً عن خطوط التماس في مصر والشام كيما يقع للعاصمة الإسلامية ما وقع لمدينة “عكا” حين دهمها الصليبيّون على حين غرّة.
فالوضع بعد الهدنة المؤقتة كان باختصار كما قال الرئيس السيسي عن الوضع في سيناء : مأمّناً وتحت سيطرة مئة في المئة.
فما الذي جرى للمسلمين ؟
قُلِبَت طاولة الإسلام فجأة ، ودهم المسلمين شرٌّ لم يروا مثله منذ أن بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كارثة كادت أن تهوي بصرح الإسلام في وادٍ سحيق!
مصيبة كبرى رقّقت مصائب الحملات الصليبية !
سأسلط لكم الضوء على تلك الصفحات المعتمة والخطيرة – جدّاً – من دفاتر التاريخ الإسلامي، والذكرى تنفعُ المؤمنين من أهل الحلّ والعقد والرأي والمشروة .
ما إنْ هدأت النفوس، وغلّقت الأبواب الغربية، وسكنت ريحُ الصليبية حتى فُتحت أبواب الجحيم على العالم الإسلامي من جهة المشرق بغلطة تكتيكية قاتلة على الطِرْزِ الداعشي ..
وللحديث بقية