فضائح الخمر … الشجاعة الزائفة

 وارتفاع صوت المخمور يقابله صمم في السمع، وخَبَل في العقل والتفكير، وسمّي العقل عقلاً من العقال هو الحبل الذي يُربَط به فيتحكّم العاقل بالمعقول فيضبطه ويقيّده فإذا ثمل المخمور تقطّعت حبائله وأتى بالفضائح والقبائح وإن كان من خيرة الناس كما روى الطبري في التفسير أنّ ناساً من المسلمين أكلوا وشربوا الخمر قبل تحريمها حتى ثملوا ثم قاموا إلى صلاة المغرب فقرأ إمامهم سورة “قل يا أيها الكافرون” فخلط فيها فقال : 

“قل يا أيها الكافرون، أعبدُ ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم، لكم دينكم ولي دين”

فأنزل الله تبارك وتعالى : “يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون” اهـ .

قبل نصف قرن اجتمع زعماء العالم لعقد مؤتمر الجمعية العمومية في مبنى الأمم المتحدة وذلك في أوج الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي بعد أن رفضت الولايات المتحدة منح الاعتراف للصين الشعبية مما أنذر بوقوع حرب عالمية نووية، وكان الزعيم السوفييتي خورتشوف – على عادته – ثَمِلاً مخموراً فلما حَمِي الجدل استشاط غضباً فنزع حذاءه وضرب به على الطاولة وأطلق الشتائم الروسية البذيئة مُهدّداً بحرب نووية فحبس العالم أنفاسَه وصمت الزعماء حيناً من الدهر مشدوهين مذعورين مذهولين من هول ما رأوا حتى انتهى مفعول الفودكا فتنفّسوا الصعداء.

هي ذي حميّة الجاهلية التي مقتها الله في كتابه الكريم …

هنالك اندفاع محمود وهنالك اندفاع مذموم يعتريه جهلٌ كما وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه زلة سعد بن عبادة رضي الله عنه في حادثة الإفك حين قام مغاضباً في حضرة المصطفى قالت : ” وكان رجلاً صالحاً ولكن اجتهلته الحَميَّة “. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الاندفاع المذموم : 

“إنما مَثَلي ومثَلكم كمثل رجل أوقد ناراً ، فجاءت الجنادب والفراش يقعن فيها ، وهو يذبّهنّ عنها، وأنا آخذ بحُجَزِكم أن تهافتوا في النار وأنتم تفلّتون من يدي”.

وقال صلى الله عليه وسلم : 

” ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسَه عند الغضب” 

وهي روايات مخرّجة في السنن الصحاح.

وقبل الإسلام ذكر فيلسوف الأطباء جالينوس من العصور القديمة في كتابه “منافع الأعضاء”: “أنّ الإنسان لا ينتفع بأعضائه وحواسّه إلا بالتكامل النافع، والبشرية – كذلك – لا تدوم إلا بالتكامل النافع ولولا ذلك لبطل نوع البشر” اهـ .

لئن كانت للخمر منافع كثيرة فما وراءها من الضرر أشرُّ وأمَرُّ ، لأنها تسكر أي تغلق بعض مراكز التحكم فتلغي التكامل النافع …  مِنْ أجل ذلك حرّمها الله.

 يا معشر الشباب لا تفرحوا بشجاعة زائفة، فإنّ الخوارج قد وُصفوا بالشجاعة والفروسية منذ قديم الزمان كلّما خرج منهم قرنٌ قُطِع ..

” فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغَرور”

نسخة للطبع نسخة للطبع