حكمةٌ بالغة ؛ من ثمارهم نميز الخبيثَ من الطيب ، ونعرفُ الدجّال من الصادق …
كما يميز الزارع الشجرةَ الخبيثة من الشجرة الطيبة، ولذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم المنافقَ الكاذبَ بثمرة الحنظل ، لا ريح لها وطعمها مُر
وربما عرف الفلاّحُ الخرّيتُ الماهرُ الخبيرُ الشجرةَ الطيّبةَ الجيّدة من النظرة الأولى قبل أن يغرسها وينتظر ثمرها ، ثم يصدق ظنُّه أو يخيب ، والأيام كفيلة بفضح الدجاجلة …
وهنا تتجلى عبقرية الصحابي الجليل عبد لله بن سلام في وصف النبي محمد عليه الصلاة والسلام . لأن ابن سلام – رضي الله عنه – صحب النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، ثم عمّر بعده ثلاثاً وثلاثين سنة وهي فترة كافية لتفحّص حال ذلك العربي الذي يزعم أنه رسول رب العالمين وتفحّص ثماره ، ولو شاء ابن سلام لقصّ على الناس شمائل النبي صلى الله عليه وسلم بتفاصيلها الدقيقة لكنّه اكتفى بحكاية الانطباع الأول عند النظرة الأولى ..
فتأمل يا أخي الحبيب حلاوة الحديث الشريف
ماذا يعني ذلك ؟
يعني أنّ ابن سلام لم يجد خلال المعاشرة الطويلة عن قرب في الحضر والسفر ، والحرب والسلم مثلبة واحدة تقدح النظرة الأولى ولذلك عاد في الوصف إلى الانطباع الأول فقال :
” فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ “
ويعني أنّ حلاوة ثمار النبي صلى الله عليه وسلم لم تَشُبْها مرارة منذ أن سمع منه الكلمات الطيبات الأولى في اليوم الأول إذ قال :
” فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ”
وبعد هذه المقدّمة أدعوكم إلى مقارنة هذا الوصف الذكي العبقري من الصحابي الجليل بالوصف الساذج الغبي من الزرقاوي والبغدادي ..
فاستمعوا يا أولي الألباب وقارنوا بين الوصفين …
يتبع