حديث نبوي اشتهر على الألسنة منذ عقود بعد أن أدرجه الألباني رحمه الله في سلسلته الصحيحة ولفظه :
” تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ” .
ما حكاية هذا الخبر ؟
بعد أن أشاع خصوم الأمويين حديث سفينة للطعن على دولة بني أميّة ، زادوا على النبوءة المكذوبة زيادة لنصرة الانقلاب السياسي العباسي على بني أميّة ، وولّدوا أحاديث كثيرة كأحاديث الرايات السود وغيرها ، وزادوا على خرافة سفينة زيادة تبشّر بعودة الخلافة على منهاج النبوة .
كان الكذّابون في زمن الرواية يعمدون إلى المشاهير من المحدّثين المأمونين ممن لم يحسن ضبط مرويّاته لسبب من الأسباب فيدسّون إليهم تلك الأحاديث المكذوبة فيأخذها الناس عنهم ، وسوف نكشف في مقال لاحق بعض تلك الأساليب المتنوعة الماكرة ونضرب لها أمثلة بإذن الله تعالى .
حديث النبوءة بعودة الخلافة على منهاج النبوة رواه الإمام الثقة المأمون أبو داود سليمان بن داود الطيالسي قال حدثنا دواد بن إبراهيم الواسطي وكان ثقة [ القائل هو الطيالسي ] قال سمعتُ حبيب بن سالم قال سمعت النعمان بن بشير عن حذيفة مرفوعاً .
الإسناد من النظرة الأولى يبدو حسناً مقبولاً ..
أبو داود الطيالسي قال فيه الحافظ في التقريب : ” ثقة حافظ غلط في أحاديث ” .
وداود الواسطي : وثقه أبو داود واعتمد ابن حبان على توثيق الطيالسي فأدرجه في الثقات .
وحبيب بن سالم الفارسي مولى النعمان بن بشير قال فيه ابن حجر في التقريب : ” لا بأس به ” .
وابن حجر نزل بحبيب عن رتبة الثقة لأنّ الإمام البخاري شكك في ثقة حبيب فقال : ” فيه نظر” .
أما النعمان وحذيفة فمن أجلة الصحابة رضي الله عنهما .
بعد سقوط الخلافة العثمانية اشرأبّت أعناق المسلمين وامتدت أياديهم من بعد ما قنطوا للتعلّق بكل ما يبشّر بعودة الخلافة فاستحسنوا هذا الأثر فتعجّل من تعجّل – ومنهم الألباني رحمه الله – في استحسان الرواية وتصحيحها وخفيت عنهم علّة الحديث .
فهل يصبر طالب الحقّ لمعرفة العلة القادحة في هذا الأثر المكذوب على المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟
يتبع