نحن بَضْعٌ من المسلمين، لا نتبع منظمة ولا حزباً ولا جماعة، لا يجمعنا بغيرنا من المسلمين إلا أخوّة الإسلام ورابطة الإيمان:
“إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”
طائفة من المسلمين أذهب الله عنها عُبِّيَّةَ الجاهلية، وحرّرها من عُقدة التعصّب الأعمى، لكننا كسائر البشر نفرح كما يفرح البشر، ونحزن كما يحزن البشر، ونغضب كما يغضب البشر، فلسنا حجارة قاسية أو حديداً لا نسمع ولا نعقل ولا نتفاعل بما يدور حولنا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمّى”
وقال صلى الله عليه وسلم:
“انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”
فقال رجل: يا رسولَ الله أنصرُهُ إذا كان مظلوماً، أفرأيتَ إذا كان ظالماً كيف أنصره؟
قال:
“تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره”
وإننا من عامّة الناس ليس لدينا سلطانٌ لنصرة المظلومين وكفّ الظالمين غير سلطان المعرفة، ولا نملكُ غَلَبَةً غير غلبة اللسان لكنّ الله تعالى فتح لأمثالنا باباً للتفاعل المحمود بقول رسوله صلى الله عليه وسلم:
“الدينُ النصيحة”
قالوا لمن يا رسولَ الله ؟
قال :
“للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمةِ المسلمين وعامَّتِهم”
ولذلك رأينا أنّ بذل النصيحة والمشورة بالموعظة الحسنة خيرٌ من السكوت والاعتزال، وإننا من هذه البوّابة سنشهد – إن شاء الله تعالى – للمُحسن أنه محسن أيّاً كان، وللمسيء أنه مسيء أيّاً كان، ونشهد للمحسن إذا أساء بما أساء ولا نغمط ما أحسن فيه، وللمسيء إذا أحسن بما أحسن ولا نغمر حسناته في بحر سيّئاته، وسنحرص على إمتاع القارئ بفوائد لطيفة من نوادر الأخبار وعجائب الآثار، واخترنا لهذه البوّابة المباركة اسم “الميزان الأكبر” للدلالة على المرجعية الإسلامية فيما نبديه من آراء ودراسات تيمّناً بقول الإمام المحدث سفيان بن عُيَيْنَة إذ قال:
“إن رسولَ الله ﷺ هو الميزانُ الأكبر، فعليه تُعرَضُ الأشياءُ، على خُلُقِهِ وسيرته وهَدْيِهِ، فما وافقها فهو الحقُّ وما خالفها فهو الباطل”