ما زلت أذكر كيف هبّت المنظمات الإغاثية الإسلامية من جميع أنحاء المعمورة لنجدة النازحين من الشعب الأفغاني عند الغزو السوفييتي، وما زلت أذكر كيف كانت بعض المساعدات من الأدوية والأطعمة ونحوها تتلف أحيانا في موانئ ومطارات باكستان وهي تنتظر الدور لنقلها إلى المشافي لكثرتها.
دعوا الخلافات الأيديولوجية والصراعات السياسية جانباً وتأمّلوا ما يجري للمدنيين الأبرياء في هذه الحرب الأهلية في السودان وهي حرب لا صلة لها بشيء من الدعاوى المزعومة الظاهرة، لا علاقة لها بديمقراطية ولا حرية ولا تغيير ولا إسلام ولا علمانية، والقوى الخفية التي تؤجج الصراع الدموي من الداخل والخارج إنما تراهن على خراب السودان وتفتيته إلى دويلات قبلية متناحرة ليس غير.
نحّوا الخلافات جانباً وتعالوا إلى حقيقة جلية مُجمع عليها وهي أن المدنيين السودانيين العالقين تحت أقدام المتنازعين من العساكر في الخرطوم ودارفور هم أكثر الناس ضرراً من هذه الحرب اللعينة، لا أمان لديهم على مال ولا نفسٍ ولا عرض، ولا طعام ولا شراب، بياتٌ على زلزلة الانفجارات وإصباحٌ على فرقعة الدوشكا والرشاشات، ومن ينجح منهم في الإفلات من تحت أقدام المتنازعين إنما يفرّ من زاوية الجحيم إلى زاوية الهاوية المجهولة فلا مأوى ولا قروش .. الجيوب خاوية وتحويشة العمر ذهبت مع ريحٍ صرصر عاتية لم تُبقِ لها من باقية حتى البنوك نُهبت.
دعوكم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والتحركات السياسية الدولية والإقليمية فكثير من القوى الدولية إنما تعمل على قاعدة: “إجرح وداوي لتتحكم بخيوط المؤامرة ومستقبل الشعوب وثرواتهم” لعبة دولية قذرة مألوفة ومعروفة، وأنا في هذا المقال لا أدعو إلى الخوض في معمعة النزال ولا لنصرة طرف على آخر بل أدعو لنجدة العالقين والنازحين فأين هي المنظمات الإغاثية الإسلامية الدولية ؟
أين فزعة الخطباء والوجهاء والإعلاميين في التحريض على النجدة والإغاثة والصدقة ؟
ماذا تنتظرون وممّا أنتم خجلون وخائفون متردّدون، إخوانكم في الخرطوم بلا طعام ولا شراب ولا دواء ولا علاج ولا مزارع ومشافٍ، أهل “مجمع البحرين” بلا ماء صالح للشرب، والحالة زفت لا يعلم بها إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هبّوا لنجدة إخوانكم يرحمكم الله !