قبل خمسة قرون استولى الصفويّون على فارس ورفعوا راية الجهاد والحكم بقوانين المذهب الجعفري مما أثار حفيظة وحيرة الشيعة أنفسهم لأن الحركة تعارض المبادئ الأساسية لعقيدة الاثني عشر ! فابتدع لهم المهاجر اللبناني “نور الدين الكركي” نظرية “النيابة عن الإمام الغائب” ليخرجهم من حيرتهم لكنه قصر النيابة على الفقهاء [المراجع الدينية] ، وعليها أسس شاه الصفويين مجلساً للنواب ثم اختلفوا فيما بينهم وتآمر بعضهم على بعض وفضح بعضهم بعضاً كما يفعل النصّابون عند اقتسام الغنائم فانهارت دولتهم المبنية على الزور والنصب والاحتيال.
وبعد قرون من سكون الشيعة تحت تأثير مخدر “المهدي المنتظر” جاء الخميني فأحيى نظرية الكركي تحت مسمى “ولاية الفقيه” وأدخل عليها تعديلات تجعل من المرشد الأعلى النائبَ العام عن الإمام الغائب المنتظر أي صاحب السلطة السياسية والدينية على العالم الإسلامي كلّه، أي قائم مقام المهدي الإمام الثاني عشر، ومن هنا بدأت الحركة الخمينية التي ولدت يوم ولدت أكبر وأوسع من الحدود الجغرافية لإيران فهي النسخة الشيعية لمشروع الخلافة على أن تكون إيران هي الدولة المهيمنة على العالم الإسلامي كما كانت تركيا هي الدولة المهيمة في نظام الخلافة العثمانية، وبعد نجاح الثورة في إيران لم يلبث الخميني حتى أعلن عن تصدير الثورة الإسلامية الخمينية فكشف الأبعاد السياسية والدينية للحركة، ولأن المذهب الشيعي تمرّس التدليس والباطنية على مبدأ التقيّة حتى جعلوا من الكذب ديناً فنسبوا إلى إمامهم جعفر الصادق قوله: “التقيّة ديني ودين آبائي، من لا تقيّة له لا دينَ له” فقد تسترت الحركة بستارين تحت مبدأ التقيّة:
الأول / اعتماد الخطاب الإسلامي الجامع واجتناب كل ما من شأنه إثارة حفيظة السُنة كالبوح بلعن الصحابة أو التشكيك في صحة القرآن الكريم.
والثاني / رفع راية تحرير القدس.
وانخدع كثير من المسلمين السنة بشعارات الخميني فساقهم سوق البهائم، وكان من أبرز المنصوب عليهم حركة “الإخوان المسلمين” لأنها تغلّب السياسة على الدين فسقطت في الفخ، وللأسف لم تظهر في السنوات الأولى حركة فكرية سنية مناهضة للحركة الخمينية باستثناء بعض السلفيين في بلاد المشرق مثل الشيخ الباكستاني إحسان إلــهي ظهير – رحمه الله – لأن المدارس الدينية في تلك البلاد تخوض مواجهة مذهبية قديمة وصراعاً فكرياً مفتوحاً لكن جهود الشيخ كانت مقصورة على الخلاف الديني الصرف ولم يهتم بكشف الأبعاد السياسية للحركة الخمينية.
برز على الساحة من مشايخ العرب شيخان منشقان عن خط الإخوان المسلمين :
الأول والأسبق هو الشيخ محمد سرور بن محمد نايف زين العابدين مؤسس ما يُعرف بالحركة السرورية.
والثاني هو الشيخ عبد الله عزّام مؤسس ما يُعرف بحركة الجهاد العالمي.
رحمة الله عليهما
للحديث بقية